للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا ثُمَّ خَرَجَ فإذ كَلْبٌ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ فَقَالَ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبُ مِثْلَ الَّذِي بَلَغَ بِي فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ «١» لَهُ فَغَفَرَ لَهُ (. قالوا: يا رسول الله، وألنا فِي الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا؟ قَالَ:) فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ «٢» أَجْرٌ". وَعَكْسُ هَذَا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إِذْ هِيَ حَبَسَتْهَا وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ «٣» الْأَرْضِ (. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمَنْ سَقَى مُسْلِمًا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ حَيْثُ يُوجَدُ الْمَاءُ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَ رَقَبَةً وَمَنْ سَقَى مُسْلِمًا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ حَيْثُ لَا يُوجَدُ الْمَاءُ فَكَأَنَّمَا أَحْيَاهَا (. خَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي السُّنَنِ. الثَّالِثَةُ- وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ قَالَ: إِنَّ صَاحِبَ الْحَوْضِ وَالْقِرْبَةِ أَحَقُّ بِمَائِهِ، وَأَنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِمَّنْ أَرَادَهُ، لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ:" إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ" لَا حَقَّ لَكُمْ فِيهَا. وَقَدْ بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى: (بَابُ مَنْ رَأَى أَنَّ صَاحِبَ الْحَوْضِ وَالْقِرْبَةِ أَحَقُّ بِمَائِهِ) وَأَدْخَلَ فِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَذُودَنَّ رِجَالًا عَنْ حَوْضِي كَمَا تُذَادُ الْغَرِيبَةُ مِنَ الْإِبِلِ عَنِ الْحَوْضِ). قَالَ الْمُهَلَّبُ: لَا خِلَافَ أَنَّ صَاحِبَ الْحَوْضِ أَحَقُّ بِمَائِهِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لَأَذُودَنَّ رِجَالًا عَنْ حَوْضِي).

[[سورة الأعراف (٧): آية ٥١]]

الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (٥١)

الَّذِينَ" فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ نَعْتٌ لِلْكَافِرِينَ. وَقَدْ يَكُونُ رَفْعًا وَنَصْبًا بِإِضْمَارِ. قِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ أَيْ نَتْرُكُهُمْ فِي النَّارِ. كما نسوا لقاء يومهم


(١). أي أثنى عليه أو قبل عمله ذلك، أو أظهر ما جازاه به عند ملائكته. (عن شرح القسطلاني).
(٢). روايه البخاري وأحمد وابن ماجة" في كل ذات كبد حراء أجر".
(٣). خشاش الأرض (مثلثة الخاء): هوامها وحشراتها.