للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكْرُهُ فِي الْأَخْبَارِ، وَعَنِ السَّلَفِ الْأَخْيَارِ، وَمَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِهِ وَيُدْعَى، وَمَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِهِ وَلَا يُدْعَى، وَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِهِ وَلَا يُدْعَى. حَسَبَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ. وَهُنَاكَ يَتَبَيَّنُ لَكَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ) ١٨٠ فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" يُلْحِدُونَ ١٨٠" الْإِلْحَادُ: الْمَيْلُ وَتَرْكُ الْقَصْدِ، يُقَالُ: أَلْحَدَ الرَّجُلُ فِي الدِّينِ. وَأَلْحَدَ إِذَا مَالَ. وَمِنْهُ اللَّحْدُ فِي الْقَبْرِ، لِأَنَّهُ فِي ناحيته. وقرى" يَلْحَدُونَ" لُغَتَانِ وَالْإِلْحَادُ يَكُونُ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: بِالتَّغْيِيرِ فِيهَا كَمَا فَعَلَهُ الْمُشْرِكُونَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ عَدَلُوا بِهَا عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ فَسَمَّوْا بِهَا أَوْثَانَهُمْ، فَاشْتَقُّوا اللَّاتَ مِنَ اللَّهِ، وَالْعُزَّى مِنَ الْعَزِيزِ، وَمَنَاةَ مِنَ الْمَنَّانِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ. الثَّانِي- بِالزِّيَادَةِ فِيهَا. الثَّالِثُ- بِالنُّقْصَانِ مِنْهَا، كَمَا يَفْعَلُهُ الْجُهَّالُ الَّذِينَ يَخْتَرِعُونَ أَدْعِيَةً يُسَمُّونَ فِيهَا اللَّهَ تَعَالَى بِغَيْرِ أَسْمَائِهِ، وَيَذْكُرُونَ بِغَيْرِ مَا يُذْكَرُ مِنْ أَفْعَالِهِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ:" فَحَذَارِ مِنْهَا، وَلَا يَدْعُوَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَالْكُتُبِ الْخَمْسَةِ، وَهِيَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. فَهَذِهِ الْكُتُبُ الَّتِي يَدُورُ الْإِسْلَامُ عَلَيْهَا، وَقَدْ دَخَلَ فِيهَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ التَّصَانِيفِ، وَذَرُوا مَا سِوَاهَا، وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ أَخْتَارُ دُعَاءَ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ اللَّهَ قَدِ اخْتَارَ لَهُ وَأَرْسَلَ بِذَلِكَ إِلَى الْخَلْقِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الثَّانِيَةُ- مَعْنَى الزِّيَادَةِ فِي الْأَسْمَاءِ التَّشْبِيهُ، وَالنُّقْصَانُ التَّعْطِيلُ. فَإِنَّ الْمُشَبِّهَةَ وَصَفُوهُ بِمَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَالْمُعَطِّلَةَ سَلَبُوهُ مَا اتَّصَفَ بِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْحَقِّ: إِنَّ دِينَنَا طَرِيقٌ بَيْنَ طَرِيقَيْنِ، لَا بِتَشْبِيهٍ وَلَا بتعطيل. وسيل الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْبُوشَنْجِيُّ عَنِ التَّوْحِيدِ فَقَالَ: إِثْبَاتُ ذَاتٍ غَيْرِ مُشَبَّهَةٍ بِالذَّوَاتِ، وَلَا مُعَطَّلَةٍ مِنَ الصِّفَاتِ. وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ ١٨٠" مَعْنَاهُ اتْرُكُوهُمْ وَلَا تُحَاجُّوهُمْ وَلَا تَعْرِضُوا لَهُمْ. فَالْآيَةُ عَلَى هَذَا مَنْسُوخَةٌ بِالْقِتَالِ، قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْوَعِيدُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ