للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن يَحْيَى: لِأَنَّهُ رَأْسُ آيَةٍ. يُرِيدُ أَنَّهُ قَالَ:" أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ" وَلَمْ يَقُلْ أَمْ صَمَتُّمْ. وَصَامِتُونَ وَصَمَتُّمْ عِنْدَ سِيبَوَيْهَ وَاحِدٌ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ. وقرى" لَا يَتَّبِعُوكُمْ" مُشَدَّدًا وَمُخَفَّفًا" لُغَتَانِ بِمَعْنًى. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ:" أَتْبَعَهُ"- مُخَفَّفًا- إِذَا مَضَى خَلْفَهُ وَلَمْ يُدْرِكْهُ. وَ" اتَّبَعَهُ"- مُشَدَّدًا- إِذَا مضى خلفه فأدركه.

[سورة الأعراف (٧): الآيات ١٩٤ الى ١٩٦]

إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٩٤) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ (١٩٥) إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (١٩٦)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) حَاجَّهُمْ فِي عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ." تَدْعُونَ" تَعْبُدُونَ. وَقِيلَ: تَدْعُونَهَا آلِهَةً." مِنْ دُونِ اللَّهِ" أَيْ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ. وَسُمِّيَتِ الْأَوْثَانُ عباد الأنها مَمْلُوكَةٌ لِلَّهِ مُسَخَّرَةٌ. الْحَسَنُ: الْمَعْنَى أَنَّ الْأَصْنَامَ مخلوقة أمثالكم. وَلَمَّا اعْتَقَدَ الْمُشْرِكُونَ أَنَّ الْأَصْنَامَ تَضُرُّ وَتَنْفَعُ أَجْرَاهَا مَجْرَى النَّاسِ فَقَالَ: (فَادْعُوهُمْ)

وَلَمْ يَقُلْ فَادْعُوهُنَّ. وَقَالَ:" عِبَادٌ وَقَالَ:" إِنَّ الَّذِينَ" وَلَمْ يَقُلْ إِنَّ الَّتِي. وَمَعْنَى" فَادْعُوهُمْ" أَيْ «١» فَاطْلُبُوا منهم النفع والضر. أن عبادة الأصنام تنفع. قال ابْنُ عَبَّاسٍ: مَعْنَى فَادْعُوهُمْ فَاعْبُدُوهُمْ. ثُمَّ وَبَّخَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَسَفَّهَ عُقُولَهُمْ فَقَالَ:" أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها" الْآيَةَ. أَيْ أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْهُمْ فَكَيْفَ تَعْبُدُونَهُمْ. وَالْغَرَضُ بَيَانُ جَهْلِهِمْ، لِأَنَّ الْمَعْبُودَ يَتَّصِفُ بِالْجَوَارِحِ. وَقَرَأَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ:" إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ اأمثالكم" بتخفيف" إن" وكسرها لالتقاء الساكنين، ونصب" عباد ا" بِالتَّنْوِينِ،" أَمْثَالَكُمْ" بِالنَّصْبِ. وَالْمَعْنَى: مَا الَّذِينَ تَدْعُونَ من دون الله عباد اأمثالكم، أَيْ هِيَ حِجَارَةٌ وَخَشَبٌ، فَأَنْتُمْ تَعْبُدُونَ مَا أنتم أشرف منه.


(١). من ج.