للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَمْزَتَانِ، فَأُبْدِلَتْ مِنَ الثَّانِيَةِ يَاءً. وَزَعَمَ الْأَخْفَشُ أَنَّكَ تَقُولُ: هَذَا أَيَمُّ مِنْ هَذَا، بِالْيَاءِ. وَقَالَ الْمَازِنِيُّ: أَوَمُّ مِنْ هَذَا، بِالْوَاوِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ" أَئِمَّةَ". وَأَكْثَرُ النَّحْوِيِّينَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ هَذَا لَحْنٌ «١»، لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ هَمْزَتَيْنِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ. (إِنَّهُمْ لَا أَيْمانَ لَهُمْ) أَيْ لا عهود لهم، أي ليست عهود هم صَادِقَةً يُوفُونَ بِهَا. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ" لَا أَيْمانَ لَهُمْ" بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مِنَ الْإِيمَانِ، أَيْ لَا إِسْلَامَ لَهُمْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرَ آمَنْتُهُ إِيمَانًا، مِنَ الْأَمْنِ الَّذِي ضِدُّهُ الْخَوْفُ، أَيْ لَا يُؤْمِنُونَ، مِنْ أَمَنْتُهُ إِيمَانًا أَيْ أَجَرْتُهُ، فَلِهَذَا قَالَ:" فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ"." لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ" أَيْ عَنِ الشِّرْكِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَادَعَ أَهْلَ مَكَّةَ سَنَةً وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةَ فَحَبَسُوهُ عَنِ الْبَيْتِ، ثُمَّ صَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ فَمَكَثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَاتَلَ حُلَفَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُزَاعَةَ حُلَفَاءُ بَنِي أُمَيَّةَ مِنْ كِنَانَةَ، فَأَمَدَّتْ بَنُو أُمَيَّةَ حلفاء هم بِالسِّلَاحِ وَالطَّعَامِ، فَاسْتَعَانَتْ «٢» خُزَاعَةُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَأُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُعِينَ حُلَفَاءَهُ كَمَا سَبَقَ. وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ فَقَالَ مَا بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الْآيَةِ- يَعْنِي" فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمانَ لَهُمْ"- إِلَّا ثَلَاثَةٌ، وَلَا بَقِيَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلَّا أَرْبَعَةٌ. فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: إِنَّكُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ تُخْبِرُونَ أَخْبَارًا لَا نَدْرِي مَا هِيَ! تَزْعُمُونَ أَلَّا مُنَافِقَ إِلَّا أَرْبَعَةٌ، فَمَا بَالُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَبْقُرُونَ «٣» بُيُوتَنَا وَيَسْرِقُونَ أَعَلَاقَنَا «٤». قَالَ: أُولَئِكَ الْفُسَّاقُ. أَجَلْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا أَرْبَعَةٌ، أَحَدُهُمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَوْ شَرِبَ الْمَاءَ الْبَارِدَ لما وجد برده «٥».


(١). قال الزمخشري في كشافه: (فإن قلت كيف لفظ أئمة؟ قلت: همزة بعدها همزة بين بين، أي بين مخرج الهمزة والياء، وتحقيق الهمزتين قراءة مشهورة وإن لم تكن مقبولة عند البصريين. وأما التصريح بالياء فليس بقراءة، ولا يجوز أن تكون قراءة، ومن صرح بها فهو لاحن محرف (. وعقب على هذا أبو حيان في البحر بقوله:) وذلك دأبه في تلحين المقرءين وكيف يكون ذلك لحنا وقد قرأ به رأس البصريين النحاة أبو عمرو بن العلاء وقارئ مكة ابن كثير وقارئ مدينة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نافع (. وقال الألوسي في روح المعاني:) ... وقرا نافع وابن كثير وأبو عمرو (أئمة) بهمزتين ثانيتهما بين بين أي بين مخرج الهمزة والياء والألف بينهما. والكوفيون وابن ذكوان عن ابن عامر بتحقيقهما من غير إدخال ألف وهشام كذلك إلا أنه أدخل بينهما الالف. هذا هو المشهور عن القراء السبعة ... ).
(٢). في ج وز: استغاثه.
(٣). بقره شقه وفتحه.
(٤). الأعلاق: نفائس الأموال.
(٥). قال القسطلاني:) لذهاب شهوته وفساد معدته بسبب عقوبة الله له في الدنيا، فلا يفرق بين الأشياء).