للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَمْ يَكُنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَعْصُومًا وَإِنَّمَا نَزَلَ عَلَيْهِ" وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ" «١» [المائدة: ٦٧] بِالْمَدِينَةِ [«٢». الثَّامِنَةُ- قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَالَ لَنَا أَبُو الْفَضَائِلِ الْعَدْلُ «٣» قَالَ لَنَا جَمَالُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْقَاسِمِ قَالَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ" «٤» [الشعراء: ٦٢] وَقَالَ فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا" لَا جَرَمَ لَمَّا كَانَ اللَّهُ مَعَ مُوسَى وَحْدَهُ ارْتَدَّ أصحابه بعده، فرجع من عند ربه ووجد هم يَعْبُدُونَ الْعِجْلَ. وَلَمَّا قَالَ فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا" بَقِيَ أَبُو بَكْرٍ مُهْتَدِيًا مُوَحِّدًا عَالِمًا جَازِمًا قَائِمًا بِالْأَمْرِ وَلَمْ يَتَطَرَّقْ إِلَيْهِ اخْتِلَالٌ. التَّاسِعَةُ- خَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ نُبَيْطِ بْنِ شُرَيْطٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ- لَهُ صُحْبَةٌ- قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ، الْحَدِيثَ. وَفِيهِ: وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ يَتَشَاوَرُونَ فَقَالُوا: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الْأَنْصَارِ نُدْخِلُهُمْ مَعَنَا فِي هَذَا الْأَمْرِ. فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ. فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ لَهُ مِثْلُ هَذِهِ الثَّلَاثِ" ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا" مَنْ" هُما"؟ قَالَ: ثُمَّ بَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ بَيْعَةً حَسَنَةً جَمِيلَةً. قُلْتُ: وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ" مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَلِيفَةَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «٥»]، لِأَنَّ الْخَلِيفَةَ لَا يَكُونُ أَبَدًا إِلَّا ثَانِيًا. وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا الْإِمَامَ أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: إِنَّمَا اسْتَحَقَّ الصِّدِّيقُ أَنْ يُقَالَ لَهُ ثَانِي اثْنَيْنِ لِقِيَامِهِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَمْرِ، كَقِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ أَوَّلًا. وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَاتَ ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ كُلُّهَا، وَلَمْ يَبْقَ الْإِسْلَامُ إلا بالمد ينه وَمَكَّةَ وَجُوَاثَا «٦»، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو النَّاسَ إلى الإسلام ويقاتلهم على


(١). راجع ج ٦ ص ٢٤٢. [ ..... ]
(٢). من ب وج وز وك وى.
(٣). من ب وك وى. واضطربت الأصول في هذا الاسم. والذي في أحكام القرآن لابن العربي المطبوع: (أبو الفضائل بن المعدل) وفي المخطوطة منه (أبو الفضائل المعدل).
(٤). راجع ج ١٣ ص ١٠٠ فما بعد.
(٥). من ج وهـ.
(٦). موضع بالبحرين.