للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ أُتِيَ بِأُسَارَى وَأُتِيَ بِالْعَبَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، فَطَلَبَ «١» النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ قَمِيصًا فَوَجَدُوا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَكَسَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ، فَلِذَلِكَ نَزَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ الَّذِي أَلْبَسَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [إِنَّ قَمِيصِي لَا يُغْنِي عَنْهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يُسْلِمَ بِفِعْلِي هَذَا أَلْفُ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِي]. كَذَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ (مِنْ قَوْمِي) يُرِيدُ مِنْ مُنَافِقِي الْعَرَبِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ قَالَ: (رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ). وَوَقَعَ فِي مَغَازِي ابْنِ إِسْحَاقَ وَفِي بَعْضِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ: فَأَسْلَمَ وَتَابَ لِهَذِهِ الْفَعْلَةِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْفُ رَجُلٍ مِنَ الْخَزْرَجِ. السَّابِعَةُ- لَمَّا قَالَ تَعَالَى:" وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً" قَالَ عُلَمَاؤُنَا: هَذَا نَصٌّ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْكُفَّارِ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. وَاخْتُلِفَ هَلْ يُؤْخَذُ مِنْ مَفْهُومِهِ وُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ عَلَى قَوْلَيْنِ. يُؤْخَذُ لِأَنَّهُ عَلَّلَ الْمَنْعَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى الكفار لكفرهم لقوله تعالى:" بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ" فَإِذَا زَالَ الْكُفْرُ وَجَبَتِ الصَّلَاةُ. وَيَكُونُ هَذَا نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى:" كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ" «٢» [المطففين: ١٥] يَعْنِي الْكُفَّارَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْكُفَّارِ يَرَوْنَهُ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ، فَذَلِكَ مِثْلُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أَوْ تُؤْخَذُ الصَّلَاةُ مِنْ دَلِيلٍ خَارِجٍ عَنِ الْآيَةِ، وَهِيَ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْبَابِ، وَالْإِجْمَاعُ. وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ الْقَوْلُ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ وَتَرْكُهُ. رَوَى مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ أَخًا لَكُمْ قَدْ مَاتَ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ) قَالَ: فَقُمْنَا فَصَفَفْنَا «٣» صَفَّيْنِ، يَعْنِي النَّجَاشِيَّ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى لِلنَّاسِ النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ. وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَرْكُ الصَّلَاةِ عَلَى جَنَائِزِ الْمُسْلِمِينَ، مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ كَانُوا أَوْ صَالِحِينَ، وِرَاثَةً عَنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلًا وَعَمَلًا. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا فِي الشَّهِيدِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِلَّا في أهل البدع والبغاة.


(١). في نسخ الأصل: (فنظر).
(٢). راجع ج ١٩ ص ٢٥٧.
(٣). في ع: فصلينا.