للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أَوْلِيَاءُ اللَّهِ قَوْمٌ صُفْرُ الْوُجُوهِ مِنَ السَّهَرِ، عُمْشُ الْعُيُونِ مِنَ الْعِبَرِ، خُمْصُ الْبُطُونِ مِنَ الْجُوعِ، يُبْسُ الشِّفَاهِ مِنَ الذُّوِيِّ «١». وَقِيلَ:" لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ" فِي ذُرِّيَّتِهِمْ، لِأَنَّ اللَّهَ يَتَوَلَّاهُمْ." وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ" عَلَى دُنْيَاهُمْ لِتَعْوِيضِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ فِي أُولَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُمْ وَمَوْلَاهُمْ.

[[سورة يونس (١٠): آية ٦٣]]

الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٦٣)

هَذِهِ صِفَةُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَكُونُ:" الَّذِينَ" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ اسْمِ" إِنَّ" وَهُوَ" أَوْلِياءَ". وَإِنْ شِئْتَ عَلَى أَعْنِي. وَقِيلَ: هُوَ ابْتِدَاءٌ، وخبره."هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ

" فَيَكُونُ مَقْطُوعًا مِمَّا قَبْلَهُ. أَيْ يَتَّقُونَ الشِّرْكَ وَالْمَعَاصِيَ.

[[سورة يونس (١٠): آية ٦٤]]

لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٤)

قوله تعالى: َهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فَقَالَ: (مَا سَأَلَنِي أَحَدٌ عَنْهَا غَيْرُكُ مُنْذُ أُنْزِلَتْ هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ) خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ: هِيَ الْبِشَارَةُ الَّتِي تُبَشِّرُ بِهَا الْمَلَائِكَةُ الْمُؤْمِنَ فِي الدُّنْيَا عِنْدَ الْمَوْتِ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: إِذَا اسْتَنْقَعَتْ «٢» نَفْسُ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ: (السَّلَامُ عَلَيْكَ وَلِيَّ اللَّهِ اللَّهُ يُقْرِئُكَ السَّلَامُ). ثُمَّ نَزَعَ بِهَذِهِ الْآيَةِ:" الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ" «٣» [النحل: ٣٢] ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: هِيَ أَنْ يَعْلَمَ أَيْنَ هُوَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَمُوتَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هِيَ مَا يُبَشِّرُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مِنْ جَنَّتِهِ وَكَرِيمِ ثَوَابِهِ، لقوله:


(١). ذوي العود والعقل يذوي ذيا وذويا كلاهما ذبل فهو ذاو وهو ألا يصيبه ريه أو يضربه الحر فيذبل ويضعف.
(٢). أي إذا اجتمعت فيه تريد الخروج كما يستنقع الماء في قراره وأراد بالنفس الروح. (ابن الأثير).
(٣). راجع ج ١٠ ص ١٠٠ فما بعد.