للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذَا الْحَذْفُ" وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً" لِأَنَّ حُضُورَ النِّسَاءِ مَعَهُنَّ سَكَاكِينُ إِنَّمَا هُوَ لِطَعَامٍ يُقَطَّعُ بِالسَّكَاكِينِ، كَذَا قَالَ فِي كِتَابِ" إِعْرَابِ الْقُرْآنِ" لَهُ. وَقَالَ فِي كِتَابِ" مَعَانِي الْقُرْآنِ" [لَهُ «١»]: وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:" الْمُتَّكَأُ" الطَّعَامُ. وَقِيلَ:" الْمُتَّكَأُ" كُلُّ مَا اتُّكِئَ عَلَيْهِ عِنْدَ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ حَدِيثٍ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ، إِلَّا أَنَّ الرِّوَايَاتِ قَدْ صَحَّتْ بِذَلِكَ. وَحَكَى الْقُتَبِيُّ أَنَّهُ يُقَالُ: اتَّكَأْنَا عِنْدَ فُلَانٍ أَيْ أَكَلْنَا، وَالْأَصْلُ فِي" مُتَّكَأً" مَوْتَكَأٌ، وَمِثْلُهُ مُتَّزِنٌ وَمُتَّعِدٌ، لأنه من وزنت ووعدت وكات، ويقال: اتكأ يتكئ اتكاء. (كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً) مَفْعُولَانِ، وَحَكَى الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ أَنَّ السِّكِّينَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ:

فَعَيَّثَ «٢» فِي السَّنَامِ غَدَاةَ قُرٍّ ... بِسِكِّينٍ مُوَثَّقَةِ النِّصَابِ

الْجَوْهَرِيُّ: وَالْغَالِبُ عَلَيْهِ التَّذْكِيرُ، وَقَالَ:

يُرَى نَاصِحًا فِيمَا بَدَا فَإِذَا خَلَا ... فَذَلِكَ سِكِّينٌ عَلَى الْحَلْقِ حَاذِقٌ

الْأَصْمَعِيُّ: لَا يُعْرَفُ فِي السِّكِّينِ إِلَّا التَّذْكِيرُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ) بِضَمِّ التَّاءِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، لِأَنَّ الْكَسْرَةَ تَثْقُلُ إِذَا كَانَ بَعْدَهَا ضَمَّةٌ، وَكُسِرَتِ التَّاءُ عَلَى الْأَصْلِ. قِيلَ: إِنَّهَا قَالَتْ لَهُنَّ: لَا تَقْطَعْنَ وَلَا تَأْكُلْنَ حَتَّى أُعْلِمَكُنَّ، ثُمَّ قَالَتْ لخادمها: إذا قلت لك ادع لي إيلا فادع يوسف، وائل: صَنَمٌ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ، وَكَانَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَعْمَلُ فِي الطِّينِ، وَقَدْ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَحَسِرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، فَقَالَتْ لِلْخَادِمِ: ادْعُ لِي إِيلًا، أي ادع لي الرب، وائل بِالْعِبْرَانِيَّةِ الرَّبُّ، قَالَ: فَتَعَجَّبَ النِّسْوَةُ وَقُلْنَ: كَيْفَ يجئ؟! فَصَعِدَتِ الْخَادِمُ فَدَعَتْ يُوسُفَ، فَلَمَّا انْحَدَرَ قَالَتْ لَهُنَّ: اقْطَعْنَ مَا مَعَكُنَّ. (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ) بِالْمُدَى حَتَّى بَلَغَتِ السَّكَاكِينُ إِلَى الْعَظْمِ، قَالَهُ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ. سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَمْ يَخْرُجْ عَلَيْهِنَّ حَتَّى زَيَّنَتْهُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِنَّ فَجْأَةً فَدُهِشْنَ فِيهِ، وَتَحَيَّرْنَ لِحُسْنِ وَجْهِهِ وَزِينَتِهِ وَمَا عَلَيْهِ، فَجَعَلْنَ يَقْطَعْنَ أَيْدِيَهُنَّ، وَيَحْسَبْنَ


(١). من ع.
(٢). عيث في السنام بالسكين أثر.