للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ" وَالْأَصْلُ نَكْتَالُ، فَحُذِفَتِ الضَّمَّةُ مِنَ اللَّامِ لِلْجَزْمِ، وَحُذِفَتِ الْأَلِفُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. وَقِرَاءَةُ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَأَبِي عَمْرٍو وَعَاصِمٍ" نَكْتَلْ" بِالنُّونِ وَقَرَأَ سَائِرُ الْكُوفِيِّينَ" يَكْتَلْ" بِالْيَاءِ، وَالْأَوَّلُ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ، لِيَكُونُوا كُلُّهُمْ دَاخِلِينَ فِيمَنْ يَكْتَالُ، وَزَعَمَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ بِالْيَاءِ كَانَ لِلْأَخِ وَحْدَهُ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا لَا يَلْزَمُ، لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو الْكَلَامُ مِنْ أَحَدِ جِهَتَيْنِ، أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: فَأَرْسِلْ أَخَانَا يَكْتَلْ مَعَنَا، فَيَكُونُ لِلْجَمِيعِ، أَوْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ عَلَى غَيْرِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ دَلِيلٌ عَلَى الْجَمِيعِ، لِقَوْلِهِ:" فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي". (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) مِنْ أَنْ يَنَالَهُ سُوءٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ) أَيْ قَدْ فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَكَيْفَ آمَنُكُمْ عَلَى أَخِيهِ!. (فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً) نُصِبَ عَلَى الْبَيَانِ، وَهَذِهِ قِرَاءَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَبِي عَمْرٍو وَعَاصِمٍ. وَقَرَأَ سَائِرُ الْكُوفِيِّينَ" حافِظاً" عَلَى الْحَالِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: عَلَى الْبَيَانِ، وَفِي هذا دليل على أنه أجابهم إلى إرسال مَعَهُمْ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: حِفْظُ اللَّهِ لَهُ خَيْرٌ مِنْ حِفْظِكُمْ إِيَّاهُ. قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: لَمَّا قَالَ يَعْقُوبُ:" فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً" قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأَرُدَّنَّ عَلَيْكَ ابْنَيْكَ كِلَيْهِمَا بعد ما تَوَكَّلْتَ عَلَيَّ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ) الْآيَةَ لَيْسَ فِيهَا مَعْنًى يُشْكِلُ. (مَا نَبْغِي) " لَمَّا" استفهام في موضع نصب، والمعنى: أي شي نَطْلُبُ وَرَاءَ هَذَا؟! وَفَّى لَنَا الْكَيْلَ، وَرَدَّ عَلَيْنَا الثَّمَنَ، أَرَادُوا بِذَلِكَ أَنْ يُطَيِّبُوا نَفْسَ أَبِيهِمْ. وَقِيلَ: هِيَ نَافِيَةٌ، أَيْ لَا نَبْغِي مِنْكَ دَرَاهِمَ وَلَا بِضَاعَةَ، بَلْ تَكْفِينَا بِضَاعَتُنَا هَذِهِ الَّتِي رُدَّتْ إِلَيْنَا. وَرُوِيَ عَنْ عَلْقَمَةَ" رُدَّتْ إِلَيْنا" بِكَسْرِ الرَّاءِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ، رُدِدَتْ، فَلَمَّا أُدْغِمَ قُلِبَتْ حَرَكَةُ الدَّالِّ عَلَى الرَّاءِ. وَقَوْلُهُ: (وَنَمِيرُ أَهْلَنا) أَيْ نَجْلِبُ لَهُمُ الطَّعَامَ، قَالَ الشَّاعِرُ:

بَعَثْتُكَ مَائِرًا فَمَكَثْتَ حَوْلًا ... مَتَى يَأْتِي غِيَاثُكَ مَنْ تُغِيثُ

وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ بِضَمِّ النُّونِ، أَيْ نُعِينُهُمْ عَلَى الْمِيرَةِ. (وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) أَيْ حِمْلُ بَعِيرٍ لبنيامين.