للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[تفسير سورة الرعد]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ الرَّعْدِ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ وَجَابِرٍ، وَمَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ الْكَلْبِيِّ وَمُقَاتِلٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: مَدَنِيَّةٌ إِلَّا آيَتَيْنِ مِنْهَا نَزَلَتَا بِمَكَّةَ، وَهُمَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:" وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ" [الرعد: ٣١] [إلى آخرهما] «١».

[[سورة الرعد (١٣): آية ١]]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (١)

قَوْلُهُ تَعَالَى: المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (١) قَوْلُهُ تَعَالَى: (المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهَا. (وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ) يَعْنِي وَهَذَا الْقُرْآنُ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ. (مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ) لَا كَمَا يَقُولُ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّكَ تَأْتِي بِهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِكَ، فَاعْتَصِمْ بِهِ، وَاعْمَلْ بِمَا فِيهِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ حِينَ قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا أَتَى بِالْقُرْآنِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ." وَالَّذِي" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَطْفًا عَلَى" آياتُ" أَوْ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَ" الْحَقُّ" خَبَرُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ جَرًّا عَلَى تَقْدِيرِ: وَآيَاتُ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ، وَارْتِفَاعُ" الْحَقُّ" عَلَى هَذَا عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ، تَقْدِيرُهُ: ذَلِكَ الْحَقُّ، كقوله تعالى:" وَهُمْ يَعْلَمُونَ. الْحَقُّ" «٢» [البقرة: ١٤٧ - ١٤٦] يَعْنِي ذَلِكَ الْحَقَّ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ" الَّذِي" خَفْضًا نَعْتًا لِلْكِتَابِ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ الْوَاوُ كَمَا يُقَالُ: أَتَانَا هَذَا الْكِتَابُ عَنْ أَبِي حَفْصٍ وَالْفَارُوقِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرُ:

إِلَى الْمَلِكِ الْقَرْمِ وَابْنِ الْهُمَامِ ... وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ فِي الْمُزْدَحَمِ «٣»

يُرِيدُ: إِلَى الْمَلِكِ الْقَرْمِ بْنِ الْهُمَامِ، لَيْثِ الْكَتِيبَةِ. (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ).


(١). الزيادة من تفسير البحر.
(٢). راجع ج ٢ ص ١٦٢ فما بعد.
(٣). القرم (بفتح القاف): السيد، والكتيبة: الجيش، المزدحم: محل الازدحام.