للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَيْفَ أَنْتُمْ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ. قَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالَتِ: اللَّحْمُ. قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتِ: الْمَاءُ. قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمئِذٍ حَبٌّ وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ". قَالَ: فَهُمَا لَا يَخْلُو «١» عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ" فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ" سَأَلَ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ النَّاسَ يَهْوُونَ السُّكْنَى بِمَكَّةَ، فَيَصِيرُ بَيْتًا مُحَرَّمًا، وَكُلُّ ذَلِكَ كَانَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَأَوَّلُ مَنْ سَكَنَهُ جُرْهُمُ. فَفِي الْبُخَارِيِّ- بَعْدَ قَوْلِهِ: وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ- وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، وَكَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ قَافِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَذَا، فَنَزَلُوا بِأَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا «٢» فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ! لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ، فَأَرْسِلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ «٣» فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَقْبَلُوا. قَالَ: وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ، فَقَالُوا: أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ. قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" [فَأَلْفَى] " «٤» ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْأُنْسَ" فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، شَبَّ الْغُلَامُ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، الْحَدِيثَ.

[سورة إبراهيم (١٤): الآيات ٣٨ الى ٤١]

رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٣٨) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٩) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (٤٠) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (٤١)


(١). في و: عنهما.
(٢). العائف هنا هو الذي يتردد على الماء ولا يمضى.
(٣). الجري: الرسول.
(٤). ألفى أي وجد ذلك الحي الجرهمي أم إسماعيل، أو ألفى استئذان جرهم بالنزول أم إسماعيل والحال أنها تحب الأنس، ففاعل ألفى (ذلك) و (ذلك) إشارة إلى الاستئذان.