للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ) يَعْنِي إِبْلِيسَ وَمَنِ اتَّبَعَهُ. (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ) أَيْ أطباق، طبق فوق طبق (لِكُلِّ بابٍ) أي لكل طبقة (مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) أَيْ حَظٌّ مَعْلُومٌ. ذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ أَبُو هَارُونَ الْغَنَوِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ حِطَّانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: هَلْ تَدْرُونَ كَيْفَ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ؟ قُلْنَا: هِيَ مِثْلُ أَبْوَابِنَا. قَالَ لَا، هِيَ هَكَذَا بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ- زَادَ الثَّعْلَبِيُّ: وَوَضَعَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى- وَأَنَّ اللَّهَ وَضَعَ الْجِنَانَ عَلَى الْأَرْضِ، وَالنِّيرَانَ بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ، فَأَسْفَلُهَا جَهَنَّمُ، وَفَوْقَهَا الْحُطَمَةُ، وَفَوْقَهَا سَقَرُ، وَفَوْقَهَا الْجَحِيمُ، وَفَوْقَهَا لَظًى، وَفَوْقَهَا السَّعِيرُ، وَفَوْقَهَا الْهَاوِيَةُ، وَكُلُّ بَابٍ أَشَدُّ حَرًّا مِنَ الَّذِي يَلِيهِ سَبْعِينَ مَرَّةً. قُلْتُ: كَذَا وَقَعَ هَذَا التَّفْسِيرُ. وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ جَهَنَّمَ أَعْلَى الدَّرَكَاتِ، وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالْعُصَاةِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ الَّتِي تُخْلَى مِنْ أَهْلِهَا فَتَصْفِقُ الرِّيَاحُ أَبْوَابَهَا. ثُمَّ لَظًى، ثُمَّ الْحُطَمَةُ، ثُمَّ سَعِيرٌ، ثُمَّ سَقَرُ، ثُمَّ الْجَحِيمُ، ثُمَّ الْهَاوِيَةُ. قَالَ الضَّحَّاكُ: فِي الدَّرْكِ الْأَعْلَى الْمُحَمَّدِيُّونَ، وَفِي الثَّانِي النَّصَارَى، وَفِي الثَّالِثِ الْيَهُودِ، وَفِي الرَّابِعِ الصَّابِئُونَ، وَفِي الْخَامِسِ الْمَجُوسُ، وَفِي السَّادِسِ مُشْرِكُو الْعَرَبِ، وَفِي السَّابِعِ الْمُنَافِقُونَ وَآلُ فِرْعَوْنَ وَمَنْ كَفَرَ مِنْ أَهْلِ الْمَائِدَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ"- وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي النِّسَاءِ «١» وَقَالَ:" أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ «٢» "، وقال:" فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لَا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ «٣» ". وَقَسَّمَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْعُلَمَاءَ السُّوءَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ تَقْسِيمًا عَلَى تِلْكَ الْأَبْوَابِ، ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ (التَّذْكِرَةِ). وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لِجَهَنَّمَ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ بَابٌ مِنْهَا لِمَنْ سَلَّ سَيْفَهُ عَلَى أُمَّتِي" قَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ:: لِجَهَنَّمَ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ بَابٌ مِنْهَا لِلْحَرُورِيَّةِ «٤». وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: بَيْنَ كُلِّ بابين مسيرة سبعين


(١). راجع ج ٤ ص ٤٢٤.
(٢). راجع ج ١٥ ص ٣١٨.
(٣). راجع ج ٦ ص ٣٦٨.
(٤). في كتاب الدر المنقور للسيوطي:" قال كعب رضى الله عنه: للشهيد نور، ولمن قاتل الحرورية عشرة أنوار. وكان يقول: لجهنم سبعة أبواب: باب منها للحرورية. قال:" ولقد خرجوا في زمان داود عليه السلام".