للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِأَهْلِهَا وَالْغَنَمُ بَرَكَةٌ وَالْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ". خَرَّجَهُ الْبُرْقَانِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ فِي السُّنَنِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأَنْعَامِ. وَإِنَّمَا جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِزَّ فِي الْإِبِلِ، لِأَنَّ فِيهَا اللِّبَاسَ وَالْأَكْلَ وَاللَّبَنَ وَالْحَمْلَ وَالْغَزْوَ وَإِنْ نَقَصَهَا الْكَرُّ وَالْفَرُّ. وَجَعَلَ الْبَرَكَةَ فِي الْغَنَمِ لِمَا فِيهَا مِنَ اللِّبَاسِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَكَثْرَةِ الْأَوْلَادِ، فَإِنَّهَا تَلِدُ فِي الْعَامِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِلَى مَا يَتْبَعُهَا مِنَ السَّكِينَةِ، وَتَحْمِلُ صَاحِبَهَا عَلَيْهِ مِنْ خَفْضِ الْجَنَاحِ وَلِينِ الْجَانِبِ، بِخِلَافِ الْفَدَّادِينَ «١» أَهْلِ الْوَبَرِ. وَقَرَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَيْرُ بِنَوَاصِي الْخَيْلِ بَقِيَّةَ الدَّهْرِ لما فيها من الغنيمة المستفادة للكسب والمعايش، وَمَا يُوصَلُ إِلَيْهِ مِنْ قَهْرِ الْأَعْدَاءِ وَغَلَبِ الْكُفَّارِ وَإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) قَالَ الْجُمْهُورُ، مِنَ الْخَلْقِ. وَقِيلَ، مِنْ أَنْوَاعِ الْحَشَرَاتِ وَالْهَوَامِّ فِي أَسَافِلِ الْأَرْضِ وَالْبَرِّ وَالْبَحْرِ مِمَّا لَمْ يَرَهُ الْبَشَرُ وَلَمْ يَسْمَعُوا بِهِ. وَقِيلَ:" وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ" مِمَّا أَعَدَّ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ لِأَهْلِهَا وَفِي النَّارِ لِأَهْلِهَا، مِمَّا لَمْ تَرَهُ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ بِهِ أُذُنٌ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: هُوَ خَلْقُ السُّوسِ فِي الثِّيَابِ وَالدُّودِ فِي الْفَوَاكِهِ. ابْنُ عَبَّاسٍ: عَيْنٌ تَحْتَ الْعَرْشِ، حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ. الثَّعْلَبِيُّ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ نهر من النور مثل السموات السَّبْعِ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَالْبِحَارِ السَّبْعِ سَبْعِينَ مَرَّةً، يَدْخُلُهُ جِبْرِيلُ كُلُّ سَحَرٍ فَيَغْتَسِلُ فَيَزْدَادُ نُورًا إِلَى نُورِهِ وَجَمَالًا إِلَى جَمَالِهِ وَعِظَمًا إِلَى عِظَمِهِ، ثُمَّ يَنْتَفِضُ فَيُخْرِجُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ رِيشَةٍ سَبْعِينَ أَلْفَ قَطْرَةٍ، وَيُخْرِجُ مِنْ كُلِّ قَطْرَةٍ سَبْعَةَ آلَافِ مَلَكٍ، يَدْخُلُ مِنْهُمْ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وفى الكعبة سبعون ألفا لا يعدون إِلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقَوْلٌ خَامِسٌ «٢» - وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا" أَرْضٌ بَيْضَاءُ، مَسِيرَةَ الشَّمْسِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا مَشْحُونَةً خَلْقًا لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْصَى فِي الْأَرْضِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ وَلَدِ آدَمَ؟ قَالَ:" لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيْنَ إِبْلِيسُ مِنْهُمْ؟ قَالَ:" لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ إِبْلِيسَ"- ثُمَّ تَلَا" وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ" ذكره الماوردي. (هامش)


(١). الفدادون: أصحاب الإبل الكثيرة الذين يملك أحدهن المائتين من الإبل إلى الالف، في ى: أهل الإبل.
(٢). كذا في الأصول. والمتبادر سادس.