للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاتِّخَاذُهُ ابْنًا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمِيرَاثِ وَفَسَادِ الْأَنْسَابِ بِاخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ. وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ «١» بِامْرَأَةٍ مُجِحٍّ عَلَى بَابِ فُسْطَاطٍ فَقَالَ:" لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُلِمَ بِهَا" فَقَالُوا: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وهو لا يحل له كيف يستخدمونه وهو لا يحل له".

[[سورة الإسراء (١٧): آية ٣٣]]

وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً (٣٣)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) قَدْ مَضَّى الْكَلَامُ فِيهِ فِي الْأَنْعَامِ «٢». قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً). فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً) أَيْ بِغَيْرِ سَبَبٍ يُوجِبُ الْقَتْلَ. (فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ) أي لمستحق دمه .. قال خويز: الْوَلِيُّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا، لِأَنَّهُ أَفْرَدَهُ بِالْوِلَايَةِ بِلَفْظِ التَّذْكِيرِ. وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ" مَا يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِ الْمَرْأَةِ عَنْ مُطْلَقِ لَفْظِ الْوَلِيِّ، فَلَا جَرَمَ، لَيْسَ لِلنِّسَاءِ حَقٌّ فِي القصاص لذلك ولا أثر


(١). قوله:" اتى بامرأة" أي مر عليها في بعض أسفاره. و" المجح" (بميم مضمومة وجيم مكسورة وحاء مهملة) صفة لامرأة، وهى الحامل التي قربت ولادتها. وقوله: وقال لعله ... إلخ فيه حذف تقديره: فسأل عنها فقالوا أمة فلان، أي مسبيته. ومعنى" يلم بها": أي يطئوها، وكانت حاملا مسبية، لا يحل جماعها حتى تضع. وقوله" كيف يورثه ... إلخ" معناه .. أنه قد تتأخر ولادتها ستة أشهر، بحيث يحتمل كون الولد من هذا السابي، ويحتمل أنه كان ممن قبله، فعلى تقدير كونه من السابي يكون ولدا له ويتوارثان. وعلى تقدير كونه من غير السابي لا يتوارثان هو ولا السابي لعدم القرابة، بل له استخدامه لأنه مملوكه. فتقدير الحديث .. أنه قد يستلحقه ويجعله أبنا له ويورثه معه أنه لا يحل له توريثه لكونه ليس منه، ولا يحل توريثه ومزاحمته لباقي الورثة. وقد يستخدمه استخدام العبيد ويجعله عبدا يتملكه، ومع أنه لا يحل له ذلك لكونه منه إذا وضعته لمدة محتملة كونه مع كل واحد منهما، فيجب عليه الامتناع منه وطئها خوفا من هذا المحضور. (راجع شرح النووي على صحيح مسلم، كتاب النكاح باب تحريم وطأ الحامل المسبية).
(٢). راجع ج ٧ ص ١٣٠.