للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَيْسَ لَهَا الِاسْتِيفَاءُ. وَقَالَ الْمُخَالِفُ: إِنَّ الْمُرَادَ ها هنا بِالْوَلِيِّ الْوَارِثُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:" وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ «١» "، وَقَالَ:" وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ

«٢» مِنْ شَيْءٍ"، وَقَالَ:" وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ" فَاقْتَضَى ذَلِكَ إِثْبَاتَ الْقَوَدِ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ الْوَلِيَّ فِي ظَاهِرِهِ عَلَى التَّذْكِيرِ وَهُوَ وَاحِدٌ، كَأَنَّ مَا كَانَ بِمَعْنَى الْجِنْسِ يَسْتَوِي الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِيهِ، وَتَتِمَّتُهُ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ. (سُلْطاناً) أَيْ تَسْلِيطًا إِنْ شَاءَ قَتَلَ وَإِنْ شَاءَ عَفَا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَالضَّحَّاكُ وَأَشْهَبُ وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ: السُّلْطَانُ أَمْرُ اللَّهِ. ابْنُ عَبَّاسٍ: السُّلْطَانُ الْحُجَّةُ. وَقِيلَ: السُّلْطَانُ طَلَبُهُ حَتَّى يُدْفَعَ إِلَيْهِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُتَقَارِبَةٌ، وَأَوْضَحُهَا «٣» قَوْلُ مَالِكٍ: إِنَّهُ أَمْرُ اللَّهِ. ثُمَّ إِنَّ أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَقَعْ نَصًّا فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ: الْقَتْلُ خَاصَّةً. وَقَالَ أَشْهَبُ: الْخِيرَةُ، كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ" الْبَقَرَةِ «٤» " هَذَا الْمَعْنَى. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: لَا يَقْتُلُ غَيْرَ قَاتِلِهِ، قَالَهُ الْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ ومجاهد وصعيد بْنُ جُبَيْرٍ. الثَّانِي: لَا يَقْتُلُ بَدَلَ وَلِيِّهِ اثْنَيْنِ كَمَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُهُ. الثَّالِثُ: لَا يُمَثَّلُ بِالْقَاتِلِ، قَالَهُ طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ، وَكُلُّهُ مُرَادٌ لِأَنَّهُ إِسْرَافٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. وَقَدْ مَضَى فِي" الْبَقَرَةِ «٥» " الْقَوْلُ فِي هَذَا مُسْتَوْفًى. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ" يُسْرِفْ" بِالْيَاءِ، يُرِيدُ الْوَلِيَّ، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ" تُسْرِفْ" بِالتَّاءِ مِنْ فَوْقٍ، وَهِيَ قِرَاءَةُ حُذَيْفَةَ. وَرَوَى الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: هُوَ لِلْقَاتِلِ الْأَوَّلِ، وَالْمَعْنَى عِنْدَنَا فَلَا تُسْرِفْ أَيُّهَا الْقَاتِلُ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: هُوَ عَلَى مَعْنَى الْخِطَابِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ. أَيْ لَا تَقْتُلُوا غَيْرَ الْقَاتِلِ. وَفِي حَرْفِ أُبَيٍّ" فلا تسرفوا في القتل".


(١). راجع ج ٨ ص ٢٠٢ وص ٥٥ وص ٥٨.
(٢). راجع ج ٨ ص ٢٠٢ وص ٥٥ وص ٥٨.
(٣). في ج: أظهرها.
(٤). راجع ج ٢ ص ٢٤٤ فما بعد.
(٥). راجع ج ٢ ص ٢٤٤ فما بعد.