للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالثة- قوله تعالى: (إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) أَيْ مُعَانًا، يَعْنِي الْوَلِيَّ. فَإِنْ قِيلَ: وَكَمْ مِنْ وَلِيٍّ مَخْذُولٍ لَا يَصِلُ إِلَى حَقِّهِ. قُلْنَا: الْمَعُونَةُ تَكُونُ بِظُهُورِ الْحُجَّةِ تَارَةً وَبِاسْتِيفَائِهَا أُخْرَى، وَبِمَجْمُوعِهِمَا ثَالِثَةً، فَأَيُّهَا كَانَ فَهُوَ نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَرَوَى ابْنُ كَثِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: إِنَّ الْمَقْتُولَ كَانَ مَنْصُورًا. النَّحَّاسُ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ نَصَرَهُ بِوَلِيِّهِ. وَرُوِيَ أَنَّهُ فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ" فَلَا تُسْرِفُوا فِي الْقَتْلِ إِنَّ وَلِيَّ المقتول كان منصورا". قال النحاس: إلا بين بِالْيَاءِ وَيَكُونُ لِلْوَلِيِّ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَالُ: لَا يُسْرِفُ إِنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ، فَهَذَا لِلْوَلِيِّ. وَقَدْ يَجُوزُ بِالتَّاءِ وَيَكُونُ لِلْوَلِيِّ أَيْضًا، إِلَّا أَنَّهُ يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى تَحْوِيلِ الْمُخَاطَبَةِ. قَالَ الضَّحَّاكُ: هَذَا أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنَ القرآن في شأن القتل. وهى مكية «١».

[[سورة الإسراء (١٧): آية ٣٤]]

وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً (٣٤)

فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيهِ فِي الْأَنْعَامِ «٢». الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ) قَدْ مَضَّى الْكَلَامُ فِيهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ «٣». قَالَ قَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ فَهُوَ مِنَ الْعَهْدِ. (إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا) عَنْهُ، فَحُذِفَ، كَقَوْلِهِ:" وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ «٤» " بِهِ وَقِيلَ: إِنَّ الْعَهْدَ يُسْأَلُ تَبْكِيتًا لِنَاقِضِهِ فَيُقَالُ: لم نقضت؟ كما تسأل الموءودة تبكيتا لوائدها «٥».

[[سورة الإسراء (١٧): آية ٣٥]]

وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (٣٥)


(١). المروي عن الحسن أنها مدينة كما في الالومى. وهو المتبادر لأنها عن الأحكام.
(٢). راجع ج ٧ ص ١٣٠.
(٣). راجع ج ١ ص ٣٣٢.
(٤). راجع ج ١٨ ص ١٩٦.
(٥). راجع ج ١٩ ص ٢٣٠ فما بعد. [ ..... ]