للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَصَفَ لَهُ مِنْهُ شَيْئًا قَالَ: صَدَقْتَ، أَشْهَدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: حَتَّى إِذَا انْتَهَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:" وَأَنْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقُ" فَيَوْمئِذٍ سَمَّاهُ الصِّدِّيقُ. قَالَ الْحَسَنُ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ لِذَلِكَ:" وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً". فَهَذَا حَدِيثُ الْحَسَنِ عَنْ مَسْرَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا دَخَلَ فِيهِ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ. وَذَكَرَ بَاقِي الْإِسْرَاءِ عَمَّنْ تَقَدَّمَ فِي السِّيرَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ الشَّجَرَةُ بَنُو أُمَيَّةَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَى الْحَكَمَ. وَهَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ مُحْدَثٌ وَالسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، فَيَبْعُدُ هَذَا التَّأْوِيلُ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْآيَةُ مَدَنِيَّةٌ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ. وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ لِمَرْوَانَ: لَعَنَ اللَّهُ أَبَاكَ وَأَنْتَ فِي صُلْبِهِ فَأَنْتَ بَعْضٌ «١» مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ:" وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ" ولم يجز فِي الْقُرْآنِ لَعْنُ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكُفَّارَ وَهُمْ آكِلُوهَا. وَالْمَعْنَى: وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ آكِلُوهَا. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْعَرَبِ لِكُلِّ طَعَامٍ مَكْرُوهٍ ضَارٍ: مَلْعُونٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الشَّجَرَةُ الْمَلْعُونَةُ هِيَ هَذِهِ الشَّجَرَةُ الَّتِي تَلْتَوِي عَلَى الشَّجَرِ فَتَقْتُلُهُ، يَعْنِي الْكَشُوثَ. (وَنُخَوِّفُهُمْ) أَيْ بِالزَّقُّومِ. (فَما يَزِيدُهُمْ) التخويف إلا الكفر.

[سورة الإسراء (١٧): الآيات ٦١ الى ٦٢]

وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً (٦١) قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً (٦٢)

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) تَقَدَّمَ ذِكْرُ كَوْنِ الشَّيْطَانِ عَدُوَّ الْإِنْسَانِ، فَانْجَرَّ الْكَلَامُ إِلَى ذِكْرِ آدَمَ. وَالْمَعْنَى: اذْكُرْ بِتَمَادِي هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَعُتُوِّهِمْ عَلَى رَبِّهِمْ قِصَّةَ إِبْلِيسَ حِينَ عَصَى رَبَّهُ وَأَبَى السُّجُودَ، وَقَالَ مَا قَالَ، وَهُوَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قوله تعالى:


(١). هذه عبارة الفخر الرازي. والذي في الأصول:" فأنتقطط من لعنة الله". والصواب ما في النهاية: فأنت فضض من لعنة. أي قطعة منها.