للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْيَدِ وَالرِّجْلِ. فَلَمْ يَقُلْ مَا أَعْمَاهُ كَمَا لَا يُقَالُ مَا أَيْدَاهُ. الْأَخْفَشُ: لَمْ يَقُلْ فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ، وَأَصْلُهُ أَعْمَى «١». وَقَدْ أَجَازَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ مَا أَعْمَاهُ وَمَا أَعْشَاهُ، لِأَنَّ فِعْلَهُ عَمِيَ وَعَشَى. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: حَدَّثَنِي بِالشَّامِ شَيْخٌ بَصْرِيٌّ أَنَّهُ سَمِعَ الْعَرَبَ تَقُولُ: مَا أَسْوَدَ شَعْرَهُ. قَالَ الشَّاعِرُ:

مَا فِي الْمَعَالِي لَكُمْ ظِلٌّ وَلَا ثَمَرُ ... وَفِي الْمَخَازِي لَكُمْ أَشْبَاحُ أَشْيَاخِ

أَمَّا الْمُلُوكُ فَأَنْتَ الْيَوْمَ أَلْأَمُهُمْ ... لُؤْمًا وَأَبْيَضُهُمْ سِرْبَالَ طَبَّاخِ

وَأَمَالَ أَبُو بَكْرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وخلف الحرفين" أعمى" و" أعمى" وَفَتَحَ الْبَاقُونَ. وَأَمَالَ أَبُو عَمْرٍو الْأَوَّلَ وَفَتَحَ الثَّانِي. (وَأَضَلُّ سَبِيلًا) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجِدُ طريقا إلى الهداية.

[[سورة الإسراء (١٧): آية ٧٣]]

وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (٧٣)

قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي طَوَافِهِ، فَمَنَعَتْهُ قُرَيْشٌ وَقَالُوا: لَا نَدَعُكَ تَسْتَلِمُ حَتَّى ت، لم بِآلِهَتِنَا. فَحَدَّثَ نَفْسَهُ وَقَالَ:" مَا عَلَيَّ أَنْ أُلِمَّ بِهَا بَعْدَ أَنْ يَدَعُونِي أَسْتَلِمَ الْحَجَرَ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَهَا كَارِهٌ" فَأَبَى اللَّهُ تعالى ذلك وأنزل عليه هذه الآية، قال مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ: نَزَلَتْ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ، أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ شَطَطًا وَقَالُوا: مَتِّعْنَا بِآلِهَتِنَا سَنَةً حَتَّى نَأْخُذَ مَا يُهْدَى لَهَا، فَإِذَا أَخَذْنَاهُ كَسَرْنَاهَا وَأَسْلَمْنَا، وَحَرِّمْ وَادِينَا كَمَا حَرَّمْتَ مَكَّةَ، حَتَّى تَعْرِفَ الْعَرَبُ فَضْلَنَا عَلَيْهِمْ، فَهَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ ذَلِكَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُ أَكَابِرِ قُرَيْشٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اطْرُدْ عَنَّا هَؤُلَاءِ السُّقَّاطَ وَالْمَوَالِيَ حَتَّى نَجْلِسَ مَعَكَ وَنَسْمَعَ مِنْكَ، فَهَمَّ بِذَلِكَ حَتَّى نُهِيَ عَنْهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ قُرَيْشًا خَلَوْا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى الصُّبْحِ يُكَلِّمُونَهُ وَيُفَخِّمُونَهُ، وَيُسَوِّدُونَهُ وَيُقَارِبُونَهُ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تَأْتِي بِشَيْءٍ لَا يَأْتِي بِهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وأنت سيدنا يا سدنا، وَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى كَادَ يُقَارِبَهُمْ فِي بعض ما يريدون،


(١). كذا في الأصول: ولعل الحق: عمى، لان فعله عمى كما قال نفطويه: يقال عمى عن رشده. ومنه يصاغ أفعل التفضيل.