للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَيْنَ كُلِّ أَرَضِينَ بَحْرٌ فَالْبَحْرُ الْأَسْفَلُ مُطْبِقٌ عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ وَلَوْلَا عِظَمُهُ وَكَثْرَةُ مَائِهِ وَبَرْدِهِ لَأَحْرَقَتْ جَهَنَّمُ كُلَّ مَنْ عَلَيْهَا. قَالَ: وَجَهَنَّمُ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ وَمَتْنُ الرِّيحِ عَلَى حِجَابٍ مِنَ الظُّلْمَةِ لَا يَعْلَمُ عِظَمَهُ «١» إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَذَلِكَ الْحِجَابُ عَلَى الثَّرَى وَإِلَى الثَّرَى انْتَهَى عِلْمُ الْخَلَائِقِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) ٢٠: ٧ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: السِّرُّ مَا حَدَّثَ بِهِ الْإِنْسَانُ غَيْرَهُ فِي خَفَاءٍ وَأَخْفَى مِنْهُ مَا أَضْمَرَ فِي نَفْسِهِ مِمَّا لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ غَيْرَهُ. وَعَنْهُ أَيْضًا السِّرُّ حَدِيثُ نَفْسِكَ وَأَخْفَى مِنَ السِّرِّ مَا سَتُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَكَ مِمَّا لَمْ يَكُنْ وَهُوَ كَائِنٌ أَنْتَ تَعْلَمُ مَا تُسِرُّ بِهِ نَفْسُكَ الْيَوْمَ وَلَا تَعْلَمُ مَا تُسِرُّ بِهِ غَدًا وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا أَسْرَرْتَ الْيَوْمَ وَمَا تُسِرُّهُ غَدًا وَالْمَعْنَى: اللَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى مِنَ السِّرِّ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا" السِّرُّ" مَا أَسَرَّ ابْنُ آدَمَ فِي نَفْسِهِ" وَأَخْفَى" مَا خَفِيَ عَلَى ابْنِ آدَمَ مِمَّا هُوَ فَاعِلُهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ فَاللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ ذَلِكَ كُلَّهِ وَعِلْمُهُ فِيمَا مَضَى مِنْ ذَلِكَ وَمَا يُسْتَقْبَلُ عِلْمٌ وَاحِدٌ وَجَمِيعُ الْخَلَائِقِ فِي عِلْمِهِ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ:" السِّرَّ ٢٠: ٧" مَا أَضْمَرَهُ الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ" وَأَخْفى ٢٠: ٧" مِنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ وَلَا أَضْمَرَهُ أَحَدٌ. وقال ابن زيد:" السر" [سر «٢»] الْخَلَائِقِ" وَأَخْفى ٢٠: ٧" مِنْهُ سِرُّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْكَرَ ذلك الطبري وقال إن الذي [هو «٣»] " أَخْفى ٢٠: ٧" مَا لَيْسَ فِي سِرِّ الْإِنْسَانِ وَسَيَكُونُ فِي نَفْسِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. (اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) " اللَّهُ" رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ أَوْ عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَإٍ أَوْ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي" يَعْلَمُ". وَحَّدَ نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا الْمُشْرِكِينَ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا سَمِعَهُ أَبُو جَهْلٍ يَذْكُرُ الرَّحْمَنَ قَالَ لِلْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ: مُحَمَّدٌ يَنْهَانَا أَنْ نَدْعُوَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَهُوَ يَدْعُو اللَّهَ وَالرَّحْمَنَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: [" الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ٢٠: ٥" وأنزل]:" قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ١١٠" «٤» وَهُوَ وَاحِدٌ وَأَسْمَاؤُهُ كَثِيرَةٌ ثُمَّ قَالَ" اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ٢٠: ٨". وَقَدْ تَقَدَّمَ التنبيه عليها في سورة (الأعراف)

«٥».


(١). في ب وج وز وط وك وى: غلظه.
(٢). من ب وج وز وط وك وى.
(٣). من ب وج وز وط وك وى.
(٤). راجع ج ١٠ ص ٣٤٢.
(٥). راجع ج ٧ ص ٣٢٥ فما بعد.