للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَأْخُوذٌ مِنْ شَتَّ الشَّيْءُ أَيْ تَفَرَّقَ. يُقَالُ: أَمْرٌ شَتٌّ أَيْ مُتَفَرِّقٌ. وَشَتَّ الْأَمْرُ شَتًّا وشتاتا تفرق، واشتت مِثْلُهُ. وَكَذَلِكَ التَّشَتُّتُ. وَشَتَّتَهُ تَشْتِيتًا فَرَّقَهُ. وَأَشَتَّ بِي قَوْمِي أَيْ فَرَّقُوا أَمْرِي. وَالشَّتِيتُ الْمُتَفَرِّقُ. قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ إِبِلًا:

جَاءَتْ مَعًا وَاطَّرَقَتْ شَتِيتَا ... وَهْيَ تُثِيرُ السَّاطِعَ السِّخْتِيتَا «١»

وَثَغْرٌ شَتِيتٌ أَيْ مُفَلَّجٌ. وَقَوْمٌ شَتَّى، وَأَشْيَاءُ شَتَّى، وَتَقُولُ: جَاءُوا أَشْتَاتًا، أَيْ مُتَفَرِّقِينَ، وَاحِدُهُمْ شَتٌّ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ) ٢٠: ٥٤ أَمْرُ إِبَاحَةٍ." وَارْعَوْا ٢٠: ٥٤" مِنْ رَعَتِ الْمَاشِيَةُ الْكَلَأَ، وَرَعَاهَا صاحبها رعاية، أي أسامها وسرحها، لازم ومعتد. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) أَيِ الْعُقُولِ. الْوَاحِدَةُ نُهْيَةٌ. قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ، لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ يُنْتَهَى إِلَى رَأْيِهِمْ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ يَنْهَوْنَ النَّفْسَ عَنِ الْقَبَائِحِ. وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ مُوسَى احْتِجَاجٌ عَلَى فِرْعَوْنَ فِي إِثْبَاتِ الصَّانِعِ جَوَابًا لِقَوْلِهِ:" فَمَنْ رَبُّكُما يَا مُوسى ٢٠: ٤٩". وَبَيَّنَ أَنَّهُ إِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّانِعِ الْيَوْمَ بِأَفْعَالِهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْها خَلَقْناكُمْ) ٢٠: ٥٥ يَعْنِي آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنَ الْأَرْضِ، قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: كُلُّ نُطْفَةٍ مَخْلُوقَةٍ مِنَ التُّرَابِ، عَلَى هَذَا يَدُلُّ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ. وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا وَقَدْ ذُرَّ عَلَيْهِ مِنْ تُرَابِ حُفْرَتِهِ) أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ فِي بَابِ ابْنِ سِيرِينَ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ عَوْنٍ لَمْ نَكْتُبْهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ، وَهُوَ أَحَدُ الثِّقَاتِ الْأَعْلَامِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى مُبَيَّنًا فِي سُورَةِ (الْأَنْعَامِ) «٢» عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: إِذَا وَقَعَتِ النُّطْفَةُ فِي الرَّحِمِ انْطَلَقَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِالرَّحِمِ فَأَخَذَ مِنْ تُرَابِ الْمَكَانِ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ فَيَذُرُّهُ عَلَى النُّطْفَةِ فَيَخْلُقُ اللَّهُ النَّسَمَةَ مِنَ النُّطْفَةِ وَمِنَ التُّرَابِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:" مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى ٢٠: ٥٥". وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا خَرَجَتْ رُوحُهُ صَعِدَتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ


(١). السختيت: دقاق التراب: وهو الغبار الشديد الارتفاع. ويروى: (الشختيتا بالشين المعجمة.
(٢). راجع ج ٦ ص ٣٨٧ فما بعد.