للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُؤْمِنِينَ:" أَتَصْبِرُونَ" عَلَى مَا تَرَوْنَ مِنْ هَذِهِ الْحَالِ الشَّدِيدَةِ وَالْفَقْرِ، فَالتَّوْقِيفُ بِ"- أَتَصْبِرُونَ" خَاصٌّ للمؤمنين المحققين «١» مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. كَأَنَّهُ جَعَلَ إِمْهَالَ الْكُفَّارِ وَالتَّوْسِعَةَ عَلَيْهِمْ فِتْنَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، أَيِ اخْتِبَارًا لَهُمْ. وَلَمَّا صَبَرَ الْمُسْلِمُونَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ" إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا"»

. التَّاسِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً" أَيْ بِكُلِّ امْرِئٍ. وَبِمَنْ يَصْبِرُ أَوْ يَجْزَعُ، وَمَنْ يُؤْمِنُ وَمَنْ لَا يُؤْمِنُ، وَبِمَنْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ وَمَنْ لَا يُؤَدِّي. وَقِيلَ:" أَتَصْبِرُونَ" أَيِ اصْبِرُوا. مِثْلُ" فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ" «٣» أَيِ انْتَهُوا، فَهُوَ أَمْرٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بالصبر

[سورة الفرقان (٢٥): الآيات ٢١ الى ٢٢]

وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً (٢١) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لَا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً (٢٢)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقاءَنا) يُرِيدُ لَا يَخَافُونَ الْبَعْثَ وَلِقَاءَ الله، أي لا يؤمنون بذلك. قال:

إذا لسعت النَّحْلُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَهَا ... وَخَالَفَهَا فِي بَيْتِ نَوْبٍ عَوَامِلِ «٤»

وَقِيلَ:" لَا يَرْجُونَ" لَا يُبَالُونَ. قال:

لَعَمْرُكَ مَا أَرْجُو إِذَا كُنْتُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ فِي اللَّهِ مَصْرَعِي «٥»

ابْنُ شجر: لَا يَأْمُلُونَ، قَالَ:

أَتَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْنًا ... شفاعة جده يوم الحساب

(لَوْلا أُنْزِلَ) أَيْ هَلَّا أُنْزِلَ. (عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ) فَيُخْبِرُوا أَنَّ مُحَمَّدًا صَادِقٌ. (أَوْ نَرى رَبَّنا) عِيَانًا فَيُخْبِرُنَا بِرِسَالَتِهِ. نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً"


(١). وفي ك: المحفين: أي أهل الكرامة. في ب: المحقين.
(٢). راجع ج ١٢ ص ١٥٥.
(٣). راجع ج ٦ ص ٢٨٥ فما بعد.
(٤). البيت لابي ذؤيب وتقدم شرحه في ج ٨ ص ٣١١ طبعه أولى أو ثانية.
(٥). البيت من قصيده لخبيب بن عدى قالها حين بلغه أن الكفار قد اجتمعوا لصلبه.