للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خاطب العرب أي تمرون عل مَنَازِلِهِمْ وَآثَارِهِمْ" مُصْبِحِينَ"

وَقْتَ الصَّبَاحِ" وَبِاللَّيْلِ

" تَمُرُّونَ عليهم أيضا بالليل وتم الكلام. ثم قال:" أَفَلا تَعْقِلُونَ

" أي تعتبرون وتتدبرون.

[سورة الصافات (٣٧): الآيات ١٣٩ الى ١٤٤]

وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢) فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣)

لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤)

فِيهِ ثَمَانُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ"

يُونُسُ هُوَ ذُو النُّونِ، وَهُوَ ابْنُ مَتَّى، وَهُوَ ابْنُ الْعَجُوزِ الَّتِي نَزَلَ عَلَيْهَا إِلْيَاسُ فَاسْتَخْفَى عِنْدَهَا مِنْ قَوْمِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَيُونُسُ صَبِيٌّ يَرْضَعُ، وَكَانَتْ أُمُّ يُونُسَ تَخْدُمُهُ بِنَفْسِهَا وَتُؤَانِسُهُ، وَلَا تَدَّخِرُ عَنْهُ كَرَامَةً تَقْدِرُ عَلَيْهَا ثُمَّ إِنَّ إِلْيَاسَ سَئِمَ ضِيقَ الْبُيُوتِ فَلَحِقَ بِالْجِبَالِ، وَمَاتَ ابْنُ الْمَرْأَةِ يُونُسُ، فَخَرَجَتْ فِي أَثَرِ إِلْيَاسَ تَطُوفُ وَرَاءَهُ فِي الْجِبَالِ حَتَّى وَجَدَتْهُ، فَسَأَلَتْهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهُ لَهَا لَعَلَّهُ يُحْيِي لَهَا وَلَدَهَا، فَجَاءَ إِلْيَاسُ إِلَى الصَّبِيِّ بَعْدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ مَوْتِهِ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى وَدَعَا اللَّهَ فَأَحْيَا اللَّهُ يُونُسَ بْنَ مَتَّى بِدَعْوَةِ إِلْيَاسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَأَرْسَلَ اللَّهُ يُونُسَ إ لي أَهْلِ نِينَوَى مِنْ أَرْضِ الْمَوْصِلِ وَكَانُوا يَعْبُدُونَ الأصنام ثم تابوا، حسب ما تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي سُورَةِ" يُونُسَ" «١» وَمَضَى فِي" الْأَنْبِيَاءِ" «٢» قِصَّةُ يُونُسَ فِي خُرُوجِهِ مُغَاضِبًا. وَاخْتُلِفَ فِي رِسَالَتِهِ هَلْ كَانَتْ قَبْلَ الْتِقَامِ الْحُوتِ إِيَّاهُ أَوْ بَعْدَهُ. قَالَ الطَّبَرِيُّ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ: إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَى يُونُسَ فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى أَهْلِ نِينَوَى فَأَنْذِرْهُمْ أَنَّ الْعَذَابَ قَدْ حَضَرَهُمْ. قَالَ: أَلْتَمِسُ دَابَّةً. قَالَ: الْأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: أَلْتَمِسُ حِذَاءً. قَالَ: الْأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَغَضِبَ فَانْطَلَقَ إِلَى السَّفِينَةِ فَرَكِبَ، فَلَمَّا رَكِبَ السَّفِينَةَ احْتَبَسَتِ السَّفِينَةُ لَا تَتَقَدَّمُ وَلَا تَتَأَخَّرُ. قال: فتساهموا،


(١). ج ٨ ص ٣٨٤ طبعه أولى أو ثانية.
(٢). ج ١١ ص ٣٢٩ وما بعدها طبعه أولى أو ثانيه.