للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ تَعَالَى:" قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ" نَصْبٌ لِأَنَّهُ نِدَاءٌ مُضَافٌ وَكَذَا" عالِمَ الْغَيْبِ" وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا." أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي مَا كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ" وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: سألت عائشة رضي الله عنها بأي شي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ" اللَّهُمَّ رب جبريل وميكائيل" وإسرافيل" فاطر السموات وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عبادك فيما كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ" اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" وَلَمَّا بَلَغَ الرَّبِيعَ بْنَ خَيْثَمٍ قَتْلُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَرَأَ" قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فيما كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ". وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إِنِّي لَأَعْرِفُ آيَةً مَا قَرَأَهَا أَحَدٌ قَطُّ فَسَأَلَ اللَّهُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، قَوْلُهُ تَعَالَى:" قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي مَا كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ". قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا" أَيْ كَذَّبُوا وَأَشْرَكُوا" مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ" أَيْ مِنْ سُوءِ عَذَابِ ذَلِكَ الْيَوْمِ. وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي سُورَةِ" آلِ عِمْرَانَ" «١» وَ" الرَّعْدِ" «٢»." وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ" مِنْ أَجَلِّ مَا رُوِيَ فِيهِ مَا رَوَاهُ مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: عَمِلُوا أَعْمَالًا تَوَهَّمُوا أَنَّهَا حَسَنَاتٌ فَإِذَا هِيَ سَيِّئَاتٌ. وَقَالَهُ السُّدِّيُّ. وَقِيلَ: عَمِلُوا أَعْمَالًا تَوَهَّمُوا أَنَّهُمْ يَتُوبُونَ مِنْهَا قَبْلَ الْمَوْتِ فَأَدْرَكَهُمُ الْمَوْتُ قَبْلَ أَنْ يَتُوبُوا، وَقَدْ كَانُوا ظَنُّوا أَنَّهُمْ يَنْجُونَ بِالتَّوْبَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا تَوَهَّمُوا أَنَّهُ يَغْفِرُ لَهُمْ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ فَ" بَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ" مِنْ دُخُولِ النَّارِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: وَيْلٌ لِأَهْلِ الرِّيَاءِ وَيْلٌ لِأَهْلِ الرِّيَاءِ هَذِهِ آيَتُهُمْ وَقِصَّتُهُمْ. وَقَالَ عكرمة ابن عَمَّارٍ: جَزِعَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عِنْدَ مَوْتِهِ جزعا شديد، فقيل له: ما هذا الجزع؟ قال:


(١). راجع ج ٤ ص ١٣١ طبعه أولى أو ثانية.
(٢). راجع ج ٩ ص ٣٠٧ طبعه أولى أو ثانية. [ ..... ]