للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلَانَ بْنَ فُلَانٍ، فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثِ لَيَالٍ فَيُرْسَلُ إِلَيْهِ فَيُجَاءُ بِهِ، فَيُقَالُ: كَيْفَ أَقْرَأَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَكْتُبُونَ كَمَا قَالَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَاخْتَلَفُوا يَوْمَئِذٍ فِي التَّابُوتِ، فَقَالَ زَيْدٌ: التَّابُوهُ. وَقَالَ ابْنُ الزبير وسعيد بن العاصي: التَّابُوتُ، فَرُفِعَ اخْتِلَافُهُمْ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: اكْتُبُوهُ بِالتَّاءِ، فَإِنَّهُ نَزَلَ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: قَرَأَهُ زَيْدٌ بِالْهَاءِ وَالْقُرَشِيُّونَ بِالتَّاءِ، فَأَثْبَتُوهُ بِالتَّاءِ، وَكُتِبَتِ الْمَصَاحِفُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ غَابِرَ الدَّهْرِ، وَنَسَخَ مِنْهَا عُثْمَانُ نُسَخًا. قَالَ غَيْرُهُ: قِيلَ سَبْعَةٌ، وَقِيلَ أَرْبَعَةٌ وَهُوَ الْأَكْثَرُ، وَوَجَّهَ بِهَا إِلَى الْآفَاقِ، فَوَجَّهَ لِلْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ بِأُمَّهَاتٍ، فَاِتَّخَذَهَا قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ مُعْتَمَدَ اخْتِيَارَاتِهِمْ، وَلَمْ يُخَالِفْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مُصْحَفَهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي بَلَغَهُ، وَمَا وُجِدَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي حُرُوفٍ يُزِيدُهَا بَعْضُهُمْ وَيُنْقِصُهَا بَعْضُهُمْ فَذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمُ اعْتَمَدَ عَلَى مَا بَلَغَهُ فِي مُصْحَفِهِ وَرَوَاهُ، إِذْ قَدْ كَانَ عُثْمَانُ كَتَبَ تِلْكَ الْمَوَاضِعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَمْ يَكْتُبْهَا فِي بَعْضٍ إِشْعَارًا بِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ، وان القراء بِكُلٍّ مِنْهَا جَائِزَةٌ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ بِمَا سِوَاهَا مِنَ الْمَصَاحِفِ أَنْ تُحَرَّقَ أَوْ تُخَرَّقَ، تُرْوَى بِالْحَاءِ غَيْرِ مَنْقُوطَةٍ وَتُرْوَى بِالْخَاءِ عَلَى مَعْنَى ثُمَّ تُدْفَنُ، وَرِوَايَةُ الْحَاءِ غَيْرِ مَنْقُوطَةٍ أَحْسَنُ. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَنْ سُوِيدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طالب كرم الله وجه يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ النَّاسِ، اتَّقَوْا اللَّهَ! وَإِيَّاكُمْ والغلو في عثمان، وقولكم: حراق المصاحف، فو الله مَا حَرَّقَهَا إِلَّا عَنْ مَلَأٍ مِنَّا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَوْ كُنْتُ الْوَالِيَ وَقْتَ عُثْمَانَ لَفَعَلْتُ فِي الْمَصَاحِفِ مِثْلَ الَّذِي فَعَلَ عُثْمَانُ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَطَّالٍ: وفي امر عثمان بتحريق المصحف وَالْمَصَاحِفِ حِينَ جَمَعَ الْقُرْآنَ جَوَازُ تَحْرِيقِ الْكُتُبِ الَّتِي فِيهَا أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ ذَلِكَ إِكْرَامٌ لَهَا وَصِيَانَةٌ عَنِ الْوَطْءِ بِالْأَقْدَامِ، وَطَرْحِهَا فِي ضَيَاعٍ مِنَ الْأَرْضِ. رَوَى مُعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ كَانَ يَحْرِقُ الصُّحُفَ إِذَا اجْتَمَعَتْ عِنْدَهُ الرَّسَائِلُ فِيهَا بِسْمِ الله الرحمن الرحيم. وحرق عروة ابن الزبير وكتب فقه عِنْدَهُ يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَكَرِهَ إِبْرَاهِيمُ أَنْ تُحْرَقَ الصُّحُفُ إِذَا كَانَ فِيهَا