للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقُولُ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْحَنَّانِ الْمَنَّانِ فَقَالَ: الْحَنَّانُ الَّذِي يُقْبِلُ عَلَى مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ، وَالْمَنَّانُ الَّذِي يَبْدَأُ بِالنَّوَالِ قَبْلَ السُّؤَالِ. وَالْقَائِلُ سَمِعْتُ عَلِيًّا: أُكَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ جَدُّهُمُ الْأَعْلَى. وَالْأَقْوَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ" وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ" يَعْنِي الْقُرْآنَ، فَعَلَيْهِ انْبَنَى الْكَلَامُ وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ الْمَصِيرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ:" وَلِقَوْمِكَ" فِيهِمْ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا- مَنِ اتَّبَعَكَ مِنْ أُمَّتِكَ، قَالَهُ قَتَادَةُ وَذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ عَنِ الْحَسَنِ. الثَّانِي- لِقَوْمِكَ مِنْ قُرَيْشٍ، فَيُقَالُ مِمَّنْ هَذَا؟ فَيُقَالُ مِنَ الْعَرَبِ، فَيُقَالُ مِنْ أَيِّ الْعَرَبِ؟ فَيُقَالُ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ. قُلْتُ- وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ شَرَفٌ لِمَنْ عَمِلَ بِهِ، كَانَ مِنْ قُرَيْشٍ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ. رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَرِيَّةٍ أَوْ غَزَاةٍ فَدَعَا فَاطِمَةَ فَقَالَ:] يَا فَاطِمَةُ اشْتَرِي نَفْسَكِ مِنَ اللَّهِ فَإِنِّي لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا [وَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ لِنِسْوَتِهِ، وَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ لِعِتْرَتِهِ،. ثُمَّ قَالَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:] مَا بَنُو هَاشِمٍ بِأَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي الْمُتَّقُونَ وَلَا قُرَيْشٌ بِأَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي الْمُتَّقُونَ، وَلَا الْأَنْصَارُ بِأَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي الْمُتَّقُونَ وَلَا الْمَوَالِي بِأَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي الْمُتَّقُونَ. إِنَّمَا أَنْتُمْ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَأَنْتُمْ كَجِمَامِ «١» الصَّاعِ لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِالتَّقْوَى [. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:] لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِفَحْمٍ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ أَوْ يَكُونُونَ شَرًّا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْجِعْلَانِ الَّتِي تَدْفَعُ النَّتَنَ بِأَنْفِهَا كُلُّكُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، إِنَّ اللَّهَ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عيبة الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ] النَّاسُ [مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ [. خَرَّجَهُمَا الطَّبَرِيُّ. وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ فِي الْحُجُرَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى." وَسَوْفَ تسألون" أي عن الشكر عليه، قاله مُقَاتِلٌ وَالْفَرَّاءُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَيْ تُسْأَلُونَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى مَا أَتَاكَ. وَقِيلَ تسألون عما عملتم فيه، والمعنى متقارب.

[[سورة الزخرف (٤٣): آية ٤٥]]

وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (٤٥)


(١). الجمام (بالتثليث): ما علا رأس المكيال من الطفاف.