للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هُنَا الْإِنْجِيلُ." قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ" أَيِ النُّبُوَّةِ، قَالَهُ السُّدِّيُّ. ابْنُ عَبَّاسٍ: عِلْمُ مَا يُؤَدِّي إِلَى الْجَمِيلِ وَيَكُفُّ عَنِ الْقَبِيحِ. وَقِيلَ الْإِنْجِيلُ، ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ." وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ" قَالَ مُجَاهِدٌ: مِنْ تَبْدِيلِ التَّوْرَاةِ. الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى لِأُبَيِّنَ لَكُمْ فِي الْإِنْجِيلِ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ مِنْ تَبْدِيلِ التَّوْرَاةِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: وَبَيَّنَ لَهُمْ فِي غَيْرِ الْإِنْجِيلِ مَا احْتَاجُوا إِلَيْهِ. وَقِيلَ: بَيَّنَ لَهُمْ بَعْضَ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ أَحْكَامِ «١» التَّوْرَاةِ عَلَى قَدْرِ مَا سَأَلُوهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي أَشْيَاءَ غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَسْأَلُوهُ عَنْهَا. وَقِيلَ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ اخْتَلَفُوا بَعْدَ مَوْتِ مُوسَى فِي أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ وَأَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاهُمْ فَبَيَّنَ لَهُمْ أَمْرَ دِينِهِمْ. وَمَذْهَبُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّ الْبَعْضَ بِمَعْنَى الْكُلِّ، وَمِنْهُ قوله تعالى:" يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ" «٢» [غافر: ٢٨]. وَأَنْشَدَ الْأَخْفَشُ قَوْلَ لَبِيدٌ:

تَرَّاكُ أَمْكِنَةٍ إِذَا لَمْ أَرْضَهَا ... أَوْ تعتلق بعض النفوس حمامها

وَالْمَوْتُ لَا يَعْتَلِقُ بَعْضَ النُّفُوسِ دُونَ بَعْضٍ. وَيُقَالُ لِلْمَنِيَّةِ: عَلُوقٌ وَعَلَّاقَةٌ. قَالَ الْمُفَضَّلُ الْبَكْرِيُّ:

وَسَائِلَةٌ بِثَعْلَبَةَ بْنِ سَيْرٍ «٣» ... وَقَدْ عَلِقَتْ بِثَعْلَبَةَ الْعَلُوقُ

وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ كَقَوْلِهِ" وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ" «٤» [آل عمران: ٥٠]. يَعْنِي مَا أُحِلَّ فِي الْإِنْجِيلِ مِمَّا كَانَ مُحَرَّمًا فِي التَّوْرَاةِ، كَلَحْمِ الْإِبِلِ وَالشَّحْمِ مِنْ كُلِّ حَيَوَانِّ وَصَيْدِ السَّمَكِ يَوْمَ السَّبْتِ." فَاتَّقُوا اللَّهَ" أَيِ اتَّقُوا الشِّرْكَ وَلَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ، وَإِذَا كَانَ هَذَا قَوْلُ عِيسَى فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِلَهًا أَوِ ابْنَ إِلَهٍ." وَأَطِيعُونِ" فِيمَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَغَيْرِهِ." إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ" أَيْ عِبَادَةُ اللَّهِ صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ، وَمَا سِوَاهُ مُعْوَجٌّ لَا يُؤَدِّي سَالِكَهُ إلى الحق.

[سورة الزخرف (٤٣): الآيات ٦٥ الى ٦٦]

فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٦٥) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٦٦)


(١). ما بين المربعين ساقط من هـ
(٢). آية ٢٨ سورة غافر.
(٣). يريد ثعلبة بن سيار.
(٤). آية ٥٠ سورة آل عمران.] [