للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: (كَنْسُ الْمَسَاجِدِ مُهُورُ الْحُورِ الْعِينِ) ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَدْ أَفْرَدْنَا لِهَذَا الْمَعْنَى بَابًا مُفْرَدًا فِي (كِتَابِ التَّذْكِرَةِ) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَاخْتُلِفَ أَيُّمَا أَفْضَلُ فِي الْجَنَّةِ، نِسَاءُ الْآدَمِيَّاتِ أَمِ الْحُورُ؟ فَذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا رشدين عن ابن أنعم عن حبان بن أَبِي جَبَلَةَ قَالَ: إِنَّ نِسَاءَ الْآدَمِيَّاتِ مَنْ دَخَلَ مِنْهُنَّ الْجَنَّةَ فُضِّلْنَ عَلَى الْحُورِ الْعِينِ بِمَا عَمِلْنَ فِي الدُّنْيَا. وَرُوِيَ مَرْفُوعًا إِنَّ (الآدميات أفضل من الحور العين سبعين أَلْفِ ضِعْفٍ). وَقِيلَ: إِنَّ الْحُورَ الْعِينَ أَفْضَلُ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي دُعَائِهِ: (وَأَبْدِلْهُ زَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ). وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ" بِحُورِ عِينٍ" مُضَافٌ. وَالْإِضَافَةُ وَالتَّنْوِينُ فِي" بِحُورٍ عين" سواء.

[[سورة الدخان (٤٤): آية ٥٥]]

يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ (٥٥)

قَالَ قَتَادَةُ:" آمِنِينَ" مِنَ الْمَوْتِ وَالْوَصَبِ وَالشَّيْطَانِ. وَقِيلَ: آمِنِينَ مِنَ انْقِطَاعِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ، أَوْ مِنْ أَنْ يَنَالَهُمْ مِنْ أَكْلِهَا أَذًى أو مكروه.

[سورة الدخان (٤٤): الآيات ٥٦ الى ٥٧]

لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٥٦) فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٥٧)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى " أَيْ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ الْبَتَّةَ لِأَنَّهُمْ خَالِدُونَ فِيهَا. ثُمَّ قَالَ:" إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى " عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ، أَيْ لَكِنَّ الْمَوْتَةَ الْأُولَى قَدْ ذَاقُوهَا فِي الدُّنْيَا. وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ:

مَنْ كَانَ أَسْرَعَ فِي تَفَرُّقِ فَالِجٍ ... فَلَبُونُهُ جَرِبَتْ مَعًا وَأَغَدَّتِ»


(١). في كتاب سيبويه:
من كان أشرك

والقائل هو عنز بن دجاجة المازني. وفالج هذا، هو فالج بن مازن بن مالك. سعى عليه بعض بني مالك وأساء إليه حتى رحل عنهم، ولحق ببني ذكوان بن بهثة فنسب إليهم. وكانت بنو مازن قد ضيقوا على رجل منهم يسمى" ناشرة" حتى انتقل عنهم إلى بني أسد، فدعا هذا الشاعر المازني على بني مازن حيث اضطروه فألجئ إلى الخروج عنهم. واستثنى" ناشرة" منهم، لأنه لم يرض فعلهم، ولأنه قد امتحن محنة" فالج" بهم. واللبون: ذوات اللبن، وتقع للواحد والجماعة. ومعنى" أغدت" صارت فيها الغدة، وهي من أدواء الإبل كالذبحة. والغلواء: النماء والارتفاع. والمنبت: المنمى والمغذى. ويروى بكسر الباء، ومعناه النابت النامي. (عن شرح الشواهد)