للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[سورة الجاثية (٤٥): آية ٢٠]]

هَذَا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٢٠)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" هَذَا بَصائِرُ لِلنَّاسِ" ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ، أَيْ هَذَا الَّذِي أَنْزَلْتُ عَلَيْكَ بَرَاهِينُ وَدَلَائِلُ ومعالم للناس في الحدود والأحكام. وقرى" هذه بصائر" أي هذه الآيات." هُدىً" أَيْ رُشْدٌ وَطَرِيقٌ يُؤَدِّي إِلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ أَخَذَ بِهِ." وَرَحْمَةٌ" فِي الْآخِرَةِ" لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ"

[[سورة الجاثية (٤٥): آية ٢١]]

أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ مَا يَحْكُمُونَ (٢١)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ

" أي اكتسبوها. والاجتراح: الاكتساب، ومنه الجوارح، وقد تقدم في المائدة «١»." أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ"

قَالَ الْكَلْبِيُّ:" الَّذِينَ اجْتَرَحُوا"

عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا ربيعة والوليد بن عتبة. و" كَالَّذِينَ آمَنُوا"

عَلِيٌّ وَحَمْزَةُ وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- حِينَ بَرَزُوا إِلَيْهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَتَلُوهُمْ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا: إِنَّهُمْ يُعْطَوْنَ فِي الْآخِرَةِ خَيْرًا مِمَّا يُعْطَاهُ الْمُؤْمِنُ، كَمَا أَخْبَرَ الرَّبُّ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ:" وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى " «٢» [فصلت: ٥٠]. وَقَوْلُهُ" أَمْ حَسِبَ"

اسْتِفْهَامٌ مَعْطُوفٌ مَعْنَاهُ الْإِنْكَارُ. وَأَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ يُجَوِّزُونَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ إِذَا كَانَ مُتَوَسِّطًا لِلْخِطَابِ. وَقَوْمٌ يَقُولُونَ: فِيهِ إِضْمَارٌ، أَيْ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ أَفَيَعْلَمُ الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ أَمْ حَسِبُوا أَنَّا نُسَوِّي بَيْنَهُمْ. وَقِيلَ: هِيَ أَمِ الْمُنْقَطِعَةُ، وَمَعْنَى الْهَمْزَةِ فِيهَا إِنْكَارُ الْحُسْبَانِ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ" سَواءً

" بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مُقَدَّمٌ، أَيْ مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَوَاءٌ. وَالضَّمِيرُ فِي" مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ"

يَعُودُ عَلَى الْكُفَّارِ، أَيْ مَحْيَاهُمْ مَحْيَا سُوءٍ وَمَمَاتُهُمْ كَذَلِكَ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَالْأَعْمَشُ" سَوَاءَ" بِالنَّصْبِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عبيد قال: معناه


(١). راجع ج ٦ ص (٦٦)
(٢). آية ٥٠ سورة فصلت.