للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سورة الفتح (٤٨): الآيات ٢٢ الى ٢٣]

وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٢٢) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (٢٣)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ" قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي كُفَّارَ قُرَيْشٍ فِي الْحُدَيْبِيَةِ. وَقِيلَ:" وَلَوْ قاتَلَكُمُ" غَطَفَانُ وَأَسَدٌ وَالَّذِينَ أَرَادُوا نُصْرَةَ أَهْلِ خَيْبَرَ، لَكَانَتِ الدَّائِرَةُ عَلَيْهِمْ." ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً. سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ" يعني طريقة الله وعادته السَّالِفَةُ نَصْرُ أَوْلِيَائِهِ عَلَى أَعْدَائِهِ. وَانْتَصَبَ" سُنَّةَ"

عَلَى الْمَصْدَرِ. وَقِيلَ:" سُنَّةَ اللَّهِ" أَيْ كَسُنَّةِ اللَّهِ. وَالسُّنَّةُ الطَّرِيقَةُ وَالسِّيرَةُ. قَالَ:

فَلَا تَجْزَعَنَّ مِنْ سِيرَةٍ أَنْتَ سِرْتَهَا ... فَأَوَّلُ رَاضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيرُهَا «١»

وَالسُّنَّةُ أَيْضًا: ضَرْبٌ مِنْ تَمْرِ المدينة." وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا".

[[سورة الفتح (٤٨): آية ٢٤]]

وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٢٤)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ" وَهِيَ الْحُدَيْبِيَةُ." مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ" رَوَى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ جَبَلِ التَّنْعِيمِ «٢» مُتَسَلِّحِينَ يُرِيدُونَ غِرَّةَ «٣» النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ، فَأَخَذْنَاهُمْ «٤» سِلْمًا


(١). البيت لخالد بن عتبة الهذلي.
(٢). التنعيم: موضع بمكة في الحل، وهو بين مكة وسرف.
(٣). الغرة (بالكسر): الغفلة، أي يريدون أن يصادفوا منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن أصحابه غفلة من التأهب لهم.
(٤). رواية مسلم:" فأخذهم سلما فاستحياهم". وقوله" سلما" قال ابن الأثير:" يروي بكسر السين وفتحها، وهما لغتان في الصلح، وهو المراد في الحديث على ما فسره الحميدي في غريبه. وقال الخطابي: إنه السلم، بفتح السين واللام، يريد الاستسلام والإذعان .... وهذا هو الأشبه بالقضية، فإنهم لم يؤخذوا عن صلح وإنما أخذوا قهرا وأسلموا أنفسهم عجزا ... ".