للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[تفسير سورة القمر]

سُورَةُ الْقَمَرِ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: إِلَّا ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ) إِلَى قَوْلِهِ: (وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ) وَلَا يَصِحُّ عَلَى مَا يَأْتِي. وَهِيَ خَمْسٌ وَخَمْسُونَ آيَةً.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة القمر (٥٤): الآيات ١ الى ٨]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (٣) وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤)

حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (٥) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦) خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) (اقْتَرَبَتِ) أَيْ قَرُبَتْ مِثْلُ أَزِفَتِ الْآزِفَةُ «١» (عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ. فَهِيَ بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَا مَضَى قَرِيبَةٌ، لِأَنَّهُ قَدْ مَضَى أَكْثَرُ الدُّنْيَا كَمَا رَوَى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَطَبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ كَادَتِ الشَّمْسُ تَغِيبُ فَقَالَ: (مَا بَقِيَ مِنْ دُنْيَاكُمْ فِيمَا مَضَى إِلَّا مِثْلُ مَا بَقِيَ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ فِيمَا مَضَى) وَمَا نَرَى مِنَ الشَّمْسِ إِلَّا يَسِيرًا. وَقَالَ كَعْبٌ وَوَهْبٌ: الدُّنْيَا سِتَّةُ آلَافِ سَنَةٍ. قَالَ وَهْبٌ: قَدْ مَضَى مِنْهَا خَمْسَةُ آلَافِ سَنَةٍ وَسِتُّمِائَةِ سَنَةٍ. ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) أَيْ وَقَدِ انْشَقَّ الْقَمَرُ. وَكَذَا قَرَأَ حُذَيْفَةُ (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَقَدِ انْشَقَّ الْقَمَرُ) بِزِيَادَةِ (قَدْ) وَعَلَى هَذَا الْجُمْهُورُ مِنَ العلماء، ثبت ذلك في صحيح


(١). راجع ص ١٢٢ من هذا الجزء. [ ..... ]