للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ نُزُولُ الْعِدَّةِ فِي أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ الْأَنْصَارِيَّةِ. فَفِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ عَنْهَا أَنَّهَا طُلِّقَتْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُطَلَّقَةِ عِدَّةٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى حِينَ طُلِّقَتْ أَسْمَاءُ بِالْعِدَّةِ لِلطَّلَاقِ، فَكَانَتْ أَوَّلَ مَنْ أُنْزِلَ فِيهَا الْعِدَّةُ لِلطَّلَاقِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ نِدَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْظِيمًا، ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ [المائدة: ٩٠] الْآيَةَ «١». فَذَكَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَعْنَى تَقْدِيمِهِمْ وَتَكْرِيمِهِمْ، ثُمَّ افْتَتَحَ فَقَالَ: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ الْآيَةَ. الثَّانِيَةُ- رَوَى الثَّعْلَبِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ مِنْ أَبْغَضِ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلَاقُ). وَعَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (تَزَوَّجُوا وَلَا تُطَلِّقُوا فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَهْتَزُّ مِنْهُ الْعَرْشُ). وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تُطَلِّقُوا النِّسَاءَ إِلَّا مِنْ رِيبَةٍ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُحِبُّ الذَّوَّاقِينَ وَلَا الذَّوَّاقَاتِ). وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَلَا اسْتَحْلَفَ بِهِ إِلَّا مُنَافِقٌ). أَسْنَدَ جَمِيعَهُ الثَّعْلَبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ الدُّولَابِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ ابن عَرَفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ مَالِكٍ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا مُعَاذُ مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَتَاقِ وَلَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ «٢» أَبْغَضَ مِنَ الطَّلَاقِ. فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِمَمْلُوكِهِ أَنْتَ حُرٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَهُوَ حُرٌّ وَلَا اسْتِثْنَاءَ لَهُ. وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ «٣» فَلَهُ اسْتِثْنَاؤُهُ وَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ (. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ. قَالَ حُمَيْدٌ: قَالَ لِي يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: وَأَيُّ حَدِيثٍ لَوْ كَانَ حُمَيْدُ بْنُ مالك معروفا؟ قلت:


(١). راجع ج ٦ ص ٢٨٥.
(٢). زيادة عن سنن الدارقطني.
(٣). زيادة عن سنن الدارقطني.