للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[تفسير سورة الانشقاق]

سُورَةُ الِانْشِقَاقِ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ وَهِيَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الانشقاق (٨٤): الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (١) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (٢) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ مَا فِيها وَتَخَلَّتْ (٤)

وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (٥)

قَوْلُهُ تعالى: (وإِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) أَيِ انْصَدَعَتْ، وَتَفَطَّرَتْ بِالْغَمَامِ، وَالْغَمَامُ مِثْلُ السَّحَابِ الْأَبْيَضِ. وَكَذَا رَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: تُشَقُّ مِنَ الْمَجَرَّةِ. وَقَالَ: الْمُجَرَّةُ بَابُ السَّمَاءِ. وَهَذَا مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَعَلَامَاتِهَا. (وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) أَيْ سَمِعَتْ، وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَسْمَعَ. رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كَإِذْنِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ" أَيْ مَا اسْتَمَعَ اللَّهُ لِشَيْءٍ قَالَ الشَّاعِرُ:

صُمٌّ إِذَا سَمِعُوا خَيْرًا ذُكِرْتُ بِهِ ... وَإِنْ ذُكِرْتُ بِسُوءٍ عِنْدَهُمْ أَذِنُوا

أَيْ سمعوا. وقال قعنب ابن أُمِّ صَاحِبٍ:

إِنْ يَأْذَنُوا رِيبَةً طَارُوا بِهَا فَرَحًا ... وَمَا هُمْ أَذِنُوا مِنْ صَالِحٍ دَفَنُوا

وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَحَقَّقَ اللَّهُ عَلَيْهَا الِاسْتِمَاعَ لِأَمْرِهِ بِالِانْشِقَاقِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: حُقَّتْ: أَطَاعَتْ، وَحُقَّ لَهَا أَنْ تُطِيعَ رَبَّهَا، لِأَنَّهُ خَلَقَهَا، يُقَالُ: فُلَانٌ مَحْقُوقٌ بِكَذَا. وَطَاعَةُ السَّمَاءِ: بِمَعْنَى أَنَّهَا لَا تَمْتَنِعُ مِمَّا أَرَادَ اللَّهُ بِهَا، وَلَا يَبْعُدُ خَلْقُ الْحَيَاةِ فِيهَا حَتَّى تُطِيعَ وَتُجِيبَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: حُقَّ لَهَا أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ، وَمِنْهُ قَوْلُ كُثَيِّرٍ:

فَإِنْ تَكُنِ الْعُتْبَى فَأَهْلًا وَمَرْحَبًا ... وحقت لها العتبى لدينا وقلت