للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَكَذَّبُوهُ) أَيْ كَذَّبُوا صَالِحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِهِ لَهُمْ: [إِنَّكُمْ تُعَذَّبُونَ إِنْ عَقَرْتُمُوهَا [. (فَعَقَرُوها) أَيْ عَقَرَهَا الْأَشْقَى. وَأُضِيفَ إِلَى الْكُلِّ لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِفِعْلِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمْ يَعْقِرْهَا حَتَّى تَابَعَهُ صَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ، ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: عَقَرَهَا اثْنَانِ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: هَذَانَ أَفْضَلُ النَّاسِ، وَهَذَانَ خَيْرُ النَّاسِ، وَهَذِهِ الْمَرْأَةِ أَشْقَى الْقَوْمِ، فَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ: أَشْقَيَاهَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ) أَيْ أَهْلَكَهُمْ وَأَطْبَقَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ بِذَنْبِهِمُ الَّذِي هُوَ الْكُفْرُ وَالتَّكْذِيبُ وَالْعَقْرُ. وَرَوَى الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَمْدَمَ عَلَيْهِمْ قَالَ: دَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ، أَيْ بِجُرْمِهِمْ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: دَمْدَمَ أَيْ أَرْجَفَ. وَحَقِيقَةُ الدَّمْدَمَةِ تَضْعِيفُ الْعَذَابِ وَتَرْدِيدُهُ. وَيُقَالُ: دَمَمْتُ عَلَى الشَّيْءِ: أَيْ أَطْبَقْتُ عَلَيْهِ، ودمم عليه القبر: أطبقه. وناقة مدمومة: أَلْبَسَهَا الشَّحْمَ. فَإِذَا كَرَّرْتَ الْإِطْبَاقَ قُلْتَ: دَمْدَمْتُ. والدمدمة: إهلاك باستيصال، قَالَهُ الْمُؤَرِّجُ. وَفِي الصِّحَاحِ: وَدَمْدَمْتُ الشَّيْءَ: إِذَا أَلْزَقْتُهُ بِالْأَرْضِ وَطَحْطَحْتُهُ. وَدَمْدَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ: أَيْ أَهْلَكَهُمْ. الْقُشَيْرِيُّ: وَقِيلَ دَمْدَمْتُ عَلَى الْمَيِّتِ التُّرَابَ: أَيْ سَوَّيْتُ عَلَيْهِ. فَقَوْلُهُ: فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ أَيْ أَهْلَكَهُمْ، فَجَعَلَهُمْ تَحْتَ التُّرَابِ. (فَسَوَّاها) أَيْ سَوَّى عَلَيْهِمُ الْأَرْضَ. وَعَلَى الْأَوَّلِ (فَسَوَّاها) أَيْ فَسَوَّى الدَّمْدَمَةَ وَالْإِهْلَاكَ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ أَنَّ الصَّيْحَةَ أَهْلَكَتْهُمْ، فَأَتَتْ عَلَى صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: دَمْدَمَ أَيْ غَضِبَ. وَالدَّمْدَمَةُ: الْكَلَامُ الَّذِي يُزْعِجُ الرَّجُلَ. وَقَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ: الدَّمْدَمَةُ: الْإِدَامَةُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: نَاقَةٌ مُدَمْدَمَةٌ أَيْ سَمِينَةٌ. وَقِيلَ: (فَسَوَّاها أَيْ فَسَوَّى الْأُمَّةَ فِي إِنْزَالِ الْعَذَابِ بِهِمْ، صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ، وَضِيعِهِمْ وَشَرِيفِهِمْ، وَذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ. وَقَرَأَ ابن الزبير فَدَمْدَمَ وَهُمَا، لُغَتَانِ، كَمَا يُقَالُ: امْتَقَعَ لَوْنُهُ وَانْتَقَعَ.

[[سورة الشمس (٩١): آية ١٥]]

وَلا يَخافُ عُقْباها (١٥)

أَيْ فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِمْ غَيْرُ خَائِفٍ أَنْ تَلْحَقَهُ تَبِعَةُ الدَّمْدَمَةِ مِنْ أَحَدٍ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ. وَالْهَاءُ فِي عُقْباها تَرْجِعُ إِلَى الْفِعْلَةِ، كَقَوْلِهِ: (مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ