للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي الْمَوْضِعَيْنِ هِشَامٌ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْكِسَائِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَأَبِي حَيْوَةَ وَالْمُغِيرَةِ. وَاخْتَلَسَ يَعْقُوبُ وَالزُّهْرِيُّ وَالْجَحْدَرِيُّ وَشَيْبَةُ. وَأَشْبَعَ الْبَاقُونَ. وَقِيلَ يَرَهُ أَيْ يَرَى جَزَاءَهُ، لِأَنَّ مَا عَمِلَهُ قَدْ مَضَى وَعُدِمَ فَلَا يُرَى. وَأَنْشَدُوا:

إِنَّ مَنْ يَعْتَدِي وَيَكْسِبُ إِثْمًا ... وَزْنَ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ سَيَرَاهُ

وَيُجَازَى بِفِعْلِهِ الشَّرَّ شَرًّا ... وَبِفِعْلِ الْجَمِيلِ أَيْضًا جَزَاهُ

هَكَذَا قَوْلُهُ تَبَارَكَ رَبِّي ... فِي إِذَا زُلْزِلَتْ وَجَلَّ ثَنَاهُ

الثَّالِثَةُ- قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: هَذِهِ أَحْكَمُ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ، وَصَدَقَ. وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى عُمُومِ هَذِهِ الْآيَةِ، الْقَائِلُونَ بِالْعُمُومِ وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ. وَرَوَى كَعْبُ الْأَحْبَارِ أَنَّهُ قَالَ: لَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ آيَتَيْنِ أَحْصَتَا مَا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالصُّحُفِ: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مَدْيَنَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ قَالَ: فِي الْحَالِ قَبْلَ الْمَآلِ. وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمِّي هَذِهِ الْآيَةَ الْآيَةَ الْجَامِعَةَ الْفَاذَّةَ، كَمَا فِي الصَّحِيحِ لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْحُمُرِ وَسَكَتَ عَنِ الْبِغَالِ، وَالْجَوَابُ فِيهِمَا وَاحِدٌ، لِأَنَّ الْبَغْلَ وَالْحِمَارَ لَا كَرَّ فِيهِمَا وَلَا فَرَّ، فَلَمَّا ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِي الْخَيْلِ مِنَ الْأَجْرِ الدَّائِمِ، وَالثَّوَابِ الْمُسْتَمِرِّ، سَأَلَ السَّائِلُ عَنِ الْحُمُرِ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ يَوْمَئِذٍ بَغْلٌ، وَلَا دَخَلَ الْحِجَازَ مِنْهَا إِلَّا بَغْلَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" الدُّلْدُلُ"، الَّتِي أَهْدَاهَا لَهُ الْمُقَوْقِسُ، فَأَفْتَاهُ فِي الْحَمِيرِ بِعُمُومِ الْآيَةِ، وَإِنَّ فِي الْحِمَارِ مَثَاقِيلَ ذَرٍّ كَثِيرَةً، قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ. وَفِي الْمُوَطَّأِ: أَنَّ مِسْكِينًا اسْتَطْعَمَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَبَيْنَ يَدَيْهَا عِنَبٌ، فَقَالَتْ لِإِنْسَانٍ: خُذْ حَبَّةً فَأَعْطِهِ إِيَّاهَا. فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ويعجب، فقال: أَتَعْجَبُ! كَمْ تَرَى فِي هَذِهِ الْحَبَّةِ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ. وَرُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِتَمْرَتَيْنِ، فَقَبَضَ السَّائِلُ يَدَهُ، فَقَالَ لِلسَّائِلِ: وَيَقْبَلُ اللَّهُ مِنَّا مَثَاقِيلَ الذَّرِّ، وَفِي التَّمْرَتَيْنِ مَثَاقِيلُ ذَرٍّ كَثِيرَةٍ. وَرَوَى الْمُطَّلِبُ بْنُ حَنْطَبٍ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمِثْقَالَ ذَرَّةٍ! قَالَ: (نَعَمْ) فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: وا سوأتاه! مِرَارًا: ثُمَّ قَامَ وَهُوَ يَقُولُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ