للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَالْأَسْوَدَ بْنَ عَبْدِ يَغُوثَ. وَقِيلَ: يَعْنِي بِالْإِنْسَانِ جِنْسَ النَّاسِ. لَفِي خُسْرٍ: لَفِي غَبْنٍ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: هَلَكَةٍ. الْفَرَّاءُ: عُقُوبَةٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها «١» خُسْراً [الطلاق: ٩]. ابْنُ زَيْدٍ: لَفِي شَرٍّ. وَقِيلَ: لَفِي نَقْصٍ، الْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. وَرُوِيَ عَنْ سَلَّامٍ (وَالْعَصِرِ) بِكَسْرِ الصَّادِ. وَقَرَأَ الْأَعْرَجُ وَطَلْحَةُ وَعِيسَى الثَّقَفِيُّ (خُسْرٍ) بِضَمِّ السِّينِ. وَرَوَى ذَلِكَ هَارُونُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ. وَالْوَجْهُ فِيهِمَا الْإِتْبَاعُ. وَيُقَالُ: خُسْرٍ وَخُسُرٍ، مِثْلَ عُسْرٍ وَعُسُرٍ. وَكَانَ عَلِيٌّ يَقْرَؤُهَا وَالْعَصْرِ وَنَوَائِبِ الدَّهْرِ، إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ. وَإِنَّهُ فِيهِ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا عُمِّرَ فِي الدُّنْيَا وَهَرِمَ، لَفِي نَقْصٍ وَضَعْفٍ وَتَرَاجُعٍ، إِلَّا الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُمْ تُكْتَبُ لَهُمْ أُجُورُهُمُ الَّتِي كَانُوا يَعْمَلُونَهَا فِي حَالِ شَبَابِهِمْ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ. [التين: ٥ - ٤]. قَالَ: وَقِرَاءَتُنَا وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ، وَإِنَّهُ فِي آخِرِ الدَّهْرِ. وَالصَّحِيحُ مَا عَلَيْهِ الْأُمَّةُ وَالْمَصَاحِفُ. وَقَدْ مَضَى الرَّدُّ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ عَلَى مَنْ خَالَفَ مُصْحَفَ عُثْمَانَ، وَأَنَّ ذلك ليس بقرآن يتلى، فتأمله هناك «٢».

[[سورة العصر (١٠٣): آية ٣]]

إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) استثناء مِنَ الْإِنْسَانِ، إِذْ هُوَ بِمَعْنَى النَّاسِ عَلَى الصَّحِيحِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أَيْ أَدَّوُا الْفَرَائِضَ الْمُفْتَرَضَةَ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْعَصْرِ ثُمَّ قُلْتُ: مَا تَفْسِيرُهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: وَالْعَصْرِ قَسَمٌ مِنَ اللَّهِ، أَقْسَمَ رَبُّكُمْ بِآخِرِ النَّهَارِ: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ: أَبُو جَهْلٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا: أَبُو بَكْرٍ، وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ عُمَرُ. وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ عُثْمَانُ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ" عَلِيٌّ" رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أجمعين. وهكذا خطب


(١). آية ٩ سورة الطلاق.
(٢). راجع ج ١ ص ٨٠ طبعه ثانية أو ثالثة.