للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الخامس: عصور الأهرام في الدولة القديمة]

[أولا: الرشاقة والابتكار في عصر الأسرة الثالثة]

[مدخل]

...

[الفصل الخامس: عصور الأهرام في الدولة القديمة]

تعرف عصور الدولة القديمة أحيانًا بتعريفين اصطلاحيين وهما: "العصور المنفية" إشارة إلى استمرار استقرار فراعنتها وحكوماتهم المركزية في مدينة منف؛ ثم "عصور بناة الأهرام العظام" كناية عن فخامة ما شيد فيها من أهرام لا تزال مفخرة لعصورها وشاهدًا على كفاية من تكفلوا بإنشائها.

أولًا: الرشاقة والابتكار في عصر الأسرة الثالثة ٢٧٨٠ - ٢٦٨٠ق. م.

بدأت عصور الدولة القديمة بعصر الأسرة الثالثة، وبدأ الحكم فيها بولاية فرعون ذكرته نصوص عهده باسم "نثررخت" وهو اسم يقرأ بتمرادفات ومعانٍ كثيرة١، ثم اشتهر باسم جسر أو زوسر، ربما بمعنى المقدس، واعتادت الكتب التاريخية على ترديد هذا الاسم الأخير نظرًا لشيوعه وسهولة نطقه، وسوف نجري على طريقتها في ذلك. ويغلب على الظن أن زوسر كان ولدًا للفرعون خع سخموي آخر فراعنة الأسرة الثانية من زوجة تدعى "ني ماعت حاب" ولا بأس هنا من أن نبدأ بهذه البنوة، بنوة زوسر لآخر فراعنة الأسرة الثانية؛ لنعقب عليها بما يصور بعض الأسباب التي كانت تفرق بين كل أسرة وأخرى من الأسر الفرعونية المتعاقبة، ولنجيب على تساؤل يسهل تبادره إلى الذهن، وهو: إذا صح أن زوسر كان ولدًا للفرعون خع سخموي، فما الذي دعا إلى اعتبار عهده بداية لأسرة حاكمة جديدة ولِمَ لَمْ يسلك ضمن فرعنة الأسرة الثانية التي انتسب أبوه إليها؟

سجلت بردية تورين اسم زوسر بالمداد الأحمر بين أسماء ملوك الدولة القديمة؛ تأكيدًا لتميزه وأهمية عهده. وصوره كاتب مصري من القرن الثاني عشر ق. م، مع كل من مؤسس الأسرة الخامسة ومؤسس الأسرة السادسة، باعتباره رأس أسرة حاكمة جديدة مثلهما. ثم سجل المؤرخ المصري مانيتون رأيه في الملك نفسه فاعتبره بداية لملوك منف كلهم٢. ويبدو أن المصادر التي أخذ منها هؤلاء الثلاثة، تأثرت باحتمالات أربعة وهي:

أولًا- أنه تدخل بين عهد خع سخموى وبين عهد ولده زوسر بعض المغتصبين للعرش من أبنائه الآخرين أو من بقية فروع أسرته. فإذا استرد زوسر العرش منهم أصبح في نظر قومه بداية لفرع جديد


١ راجع للمؤلف مناقشة أربعة منها في: حضارة مصر القديمة وآثارها – ج١ ص٢٩٩.
٢ Turin Rap. III, ٥; Cairo ٣٣٢٥٨ = Bifao, V, ٤١ F.

<<  <   >  >>