للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل السابع: الدورة التاريخية الثانية في الدولة الوسطى]

[أولا: عودة الوحدة في عصر الأسرة الحادية عشرة]

[مدخل]

...

الفصل السابع: الدورة التاريخية الثانية – في الدولة الوسطى

أولًا: عودة الوحدة في عصر الأسرة الحادية عشرة ٢١٣٤ - ٢٠٥٢ ثم من ٢٠٢٥ - ١٩٩١ق. م ١

عندما أصرت طيبة على استرجاع ما تفرق من وحدة البلاد وما تفرق من عزماتها وأفكارها ومعتقداتها، كان ذلك بشيرًا لمصر بأنها تستطيع أن تبدأ دورة تاريخية جديدة ومرحلة شباب فتية جديدة. وبدأ البيت الطيبي بأولئك الحكام الذين تسمى كل منهم باسم إنتف "أو إينتوف" وهم من أسلفنا أنهم بدءوا سياستهم بمهادنة أهناسيا حتى أحسوا البأس من أنفسهم، وحينذاك ابتغوا الزعامة وعملوا لها ويبدو أنه تعاقب منهم ثلاثة أو أربعة. وجعل الأناتفة من طيبة "الأقصر" دار حكم وعاصمة بعد أن كانت مجرد مدينة عادية في إقليم "واسة"، فبدأت شهرتها تطغى على شهرة أرمنت حاضرة الإقليم القديمة ومسقط رأسهم، وبدءوا يرفعون من شأن آمون رب طيبة وشأن معبده البسيط القديم٢. وشادوا مقابرهم الملكية في غربها، وتخير لها مهندسوهم منطقة صخرية، مهدوا فيها مسطحات متسعة تشبه الشرفات، ثم نحتوا المقابر بمقاصيرها متجاورة جنبًا إلى جنب في جدرانها الصخري، فظهرت في مجملها على هيئة أبهاء طبيعية ذات عمد من صخر الجبل نفسه.

وجرى خلفاء الأناتفة على سنتهم، فارتضوا مدينة طيبة عاصمة لملكهم المتحد وشادوا مقابرهم إلى الغرب منها أيضًا، وشادوا معبدًا ربها آمون، وقد حلت محله بعض أجزاء مجموعة الكرنك الحالية، وربما شادوا له معبدًا صغيرًا آخر شغل مكانه جزء من معبد الأقصر الحالي٣، وإن ظلوا في الوقت نفسه أوفياء لرب أرمنت مسقط رأس أسرتهم، وهو "مونتو" راعي الحرب الذي كان له مكانه وهيكله في منطقة الكرنك كذلك، فنسبوا أسماءهم إليه وتوارثوا فيما بينهم اسم "مونتو حوتب"، بمعنى "مونتو راض" أو "مونتو المنعم" ولهذا عرفوا باسم "المناتحة" تعبيرًا عن وفائهم لربهم، واعتزازًا منهم بطابع الحرب والكفاح الذي يتمثل فيه والذي أسسوا به دولتهم وأعادوا به إلى مصر وحدتها، تلك الوحدة التي تمت على يدي مونتو حوتب "نب حبة رع". وهو ملك طال حكمه واحدًا وخمسين عامًا، استمتع فيها بنتائج جهوده وعزائم أهل عصره، وأقيم باسمه خلالها معابد كثيرة لأرباب أسوان والجبلين والطود ودندرة وأبيدوس وغيرها، وتبعه في ذلك خلفاؤه.


١ يبدأ التاريخ الأول بحكم الأتاتفة في طيبة، ويبدأ التاريخ الثاني باستكمال الوحدة السياسية على أيدي المناتحة، وجمعت بردية تورين الفترتين واعتبرت مجموعة مصر الأسرة ١٤٣ عامًا "أو ١٤٢ عامًا".
Farins, Ii Papiro Del Re, ١٩٣٨, ٣٥ ; Gardiner, The Royal Canon Of Turin, ١٩٥٩.
٢ See, Petrie, Qurneh, Pl. X, ١, ٣, ; J. Vandie, Rellgion..., ١٤٧.
٣ Zaas XXXIV, ١٢٢-٢٣; Unters., V, I, S. ٤-٥; Asae, ٢٨; ١٩٤٧, Pl. XXXIV.

<<  <   >  >>