للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الخامس عشر: العصر الأكدى ٢٣٤٠ - ٢١٨٠ "أو ٢٣٧١ - ٢٢٣٠" ق. م.]

[مدخل]

...

الفصل الخامس عشر العصر الأكدي ٢٣٤٠ - ٢١٨٠ "أو ٢٣٧١ - ٢٢٣٠" ق. م.

كان الأكديون فرعًا من هجرات سامية متوالية تكاثرت أعدادها في بوادي العراق والشام قبيل منتصف الألف الثالث ق. م، ثم انشعبت فروعًا كثيرة، فكان منها ما انتشر في نواحي الشام، واتجهت آمال بعض جماعاته إلى مناطق الهلال الخصيب في سوريا، كما كان منها ما اقتربت جماعاته من نهر الفرات واتجهت آمالها نحو المناطق الخصبة بالعراق. وأسلفنا أن أصحاب الشعبة الأولى عرفوا باسم أطلقه السومريون عليهم وهو "الأموريون" ربما يعني أهل الغرب "وإن ذكرت نصوص بابلية أحد آلهتهم الكبرى باسم أمورو مما يحتمل معه نسبتهم إليه". أما الجماعات الثانية فكان أظهر فروعها فرع "الأكديين" الذين اكتسبوا اسمهم الانتساب مؤخرًا فيما يحتمل إلى العاصمة أكد "أو أجادة" التي أصبحت مركزًا لنشاطهم السياسي والحربي بعد فترة من استقرارهم بالعراق وبعد أن انتظمت أمورهم وعز شأنهم فيه.

وليس ما يعرف يقينًا عن تفاصيل الظروف التي هيأت لهذا الفرع من الساميين الاستقرار في بلاد النهرين والتأثير في مجريات أمورها، ولكن يمكن القول احتمالًا بأنهم بدءوا دخولهم إليها عن طريق التسلل البطيء، حيث وجدت أسماء وكلمات سامية متفرقة في نصوص سومر منذ أواسط الألف الثالث ق. م. ومن أقدم ما أمكن ترسمه من هذه الكلمات كلمة مكر بمعنى تاجر وكلمة نانجار بمعنى نجار، فضلًا عما ورد في القوائم السومرية من تسمية بعض ملوك ما بعد الطوفان بأسماء سامية، واحتمال سبقهم بملك آخر قديم سمي ألوليم وهو اسم سامي أيضًا١. ويبدو أن تطاحن المدن السومرية في العراق الجنوبي من أجل الزعامة الداخلية صرف أنظار أهلها عما كان يجري على أطراف أرضهم، وذلك على الرغم مما ادعته نصوص زعيمهم زاجيزي السومري من أنه استطاع أن يمد فتوحه من البحر الأدنى حتى البحر الأعلى.

وفي هذه الظروف المحتملة، انفسح سبيل السعي أمام أهل الهجرات الجديدة الفتية فنزلوا وسط العراق على من سبقوهم من بني عمومتهم أصحاب الدماء السامية القديمة المتناثرة، وسيطر زعماؤهم على بضع مدن سومرية النشأة كانت أهمها مدينة كيش صاحبة الأثر القديم في مجريات الحوادث بين المدن السومرية الكبيرة الواقعة إلى جنوبها، فاستفادوا من حضارتها، هي وأمثالها، وتأقلموا عليها شيئًا فشيئًا، ولم يكن


١ See, A. Deimel, Die Inschriften Von Fara, I, ٣٥, Iii, ٥; Salonen, Studia Orientalia, Xi, ١,٢٣; Falkenstein, Compte Rendu..., Ii, ١٣; Sumero Akkadian Interconnections, Recontre Assyriologique Internasionsie, Ix, ١٩٦٠.
سومر ١٩٧٤ - ص٦٥، ٦٧ - ٦٨.

<<  <   >  >>