للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفرض لغيره أفضل لنفي التهم، ولغير أبي ذر: وقال الله تعالى: {وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} ولم يذكر هنا حديثًا إلا المعلق فقط.

وروى ابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله تعالى: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي} [البقرة: ٢٧١] نزلت في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. أما عمر فجاء بنصف ماله حتى دفعه إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ما خلفت وراءك لأهلك يا عمر؟ لما قال: خلفت لهم نصف مالي، وأما أبو بكر فجاء بماله كله فكاد أن يخفيه من نفسه حتى دفعه إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ما خلفت وراءك يا أبا بكر؟ " فقال: عدة الله وعدة رسوله فبكى عمر وقال: بأبي أنت يا أبا بكر والله ما سبقنا إلى باب خير قط إلا كنت سابقنا.

١٤ - باب إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ

هذا (باب) بالتنوين (إذا تصدق) رجل (على) آخر (غني وهو) أي والحال أنه (لا يعلم) أنه غني فصدقته مقبولة، وسقط لفظ باب في رواية أبي ذر وقال عقب قوله في السابق {فهو خير لكم} الآية وإذا تصدق بواو العطف.

١٤٢١ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ. فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ. فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَىْ زَانِيَةٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، عَلَى زَانِيَةٍ، لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ. فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَىْ غَنِيٍّ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، عَلَى سَارِقٍ، وَعَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنِيٍّ. فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ:

أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا، وَأَمَّا الْغَنِيُّ فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ، فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ».

وبالسند قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: (حدّثنا أبو الزناد) ذكوان السمان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(قال رجل) من بني إسرائيل كما عند أحمد من طريق ابن لهيعة عن الأعرج (لأتصدقن بصدقة) هو من باب الالتزام كالنذر مثلاً والقسم فيه مقدر كأنه قال والله لأتصدقن، وزاد في رواية أبي عوانة عن أبي أمية عن أبي اليمان بهذا الإسناد الليلة وكررها في المواضع الثلاثة: وكذا مسلم من طريق موسى بن عقبة، وبذلك تحصل المطابقة بين الحديث وترجمته بصدقة السر على رواية أبي ذر، إذ لو كانت جهزًا لما خفي عليه حال الغني لأنه في الغالب لا يخفى بخلاف الآخرين (فخرج بصدقته) ليضعها في يد مستحق (فوضعها في يد سارق) وهو لا يعلم أنه سارق (فأصبحوا) أي القوم الذين فيهم هذا المتصدق (يتحدثون) في موضع نصب خبر أصبح (تصدق) أي الليلة (على سارق) بضم التاء والصاد مبنيًا للمفعول اخبار بمعنى التعجب أو الإنكار ولابن لهيعة على فلان السارق (فقال): المتصدق (اللهم لك الحمد)، على تصدقي على سارق حيث كان ذلك بإرادتك لا بإرادتي، فإن إرادتك كلها جميلة ولا يحمد على المكروه سواك وقدّم على المبتدأ في قوله: لك الحمد للاختصاص (لأتصدقن) الليلة (بصدقة) على مستحق (فخرج بصدقته) ليضعها في يد مستحق (فوضعها في يد) امرأة (زانية فأصبحوا) أي بنو إسرائيل (يتحدثون تصدق) مبنيًا للمفعول (الليلة على) امرأة (زانية فقال): المتصدق: (اللهم لك الحمد) على تصدقي (على) امرأة (زانية) حيث كان بإرادتك (لأتصدقن) الليلة (بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد غنيّ فأصبحوا يتحدثون: تصدق) الليلة (على غني فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني) زاد الطبراني: فساءه ذلك (فأتي) في منامه (فقيل له: أما صدقتك) زاد أبو أمية: فقد قبلت فأما (على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها) بالقصر كذا في الفرع وغيره. وقال ابن التين: رويناه بالمد، وعند أبي ذر بالقصر. قال الجوهري: بالقصر لأهل الحجاز، قال تعالى: {ولا تقربوا الزنا} [الإسراء: ٣٢] والمد لأهل نجد. قال الفرزدق:

أبا حاضر من يزن يعرف زناؤه ... ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكرا

(وأما الغني فلعله يعتبر، فينفق) بالرفع فيهما، ولأبي ذر: أن يعتبر فينفق (مما أعطاه الله) وفيه: أن الصدقة كانت عندهم مختصة بأهل الحاجات من أهل الخير، ولهذا تعجبوا من الصدقة على هؤلاء وأن نيّة المتصدق إذا كانت صالحة قبلت صدقته ولو لم تقع الموقع واستحباب إعادة الصدقة إذا لم تقع الموقع وهذا في صدقة التطوّع، أما الواجبة، فلا تجزئ على غني وإن ظنه فقيرًا خلافًا لأبي حنيفة

<<  <  ج: ص:  >  >>