للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالحج يوم التروية وهو الأفضل عند الجمهور، وروى مالك وغيره بإسناد منقطع وابن المنذر بإسناد متصل عن عمر أنه قال لأهل مكة: ما لكم يقدم الناس عليكم شعثًا وأنتم تنضحون طيبًا مدّهنين؟ إذا رأيتم الهلال فأهلوا بالحج.

(وقال أبو الزبير) محمد بن مسلم بن تدرس بفتح الفوقية وسكون الدال المهملة وضم الراء آخره سين مهملة المكي مما وصله أحمد ومسلم من طريق ابن جريج عنه (عن جابر أهللنا) بالحج (من البطحاء) ولفظ مسلم: فأهللنا من الأبطح، وفي رواية له: ثم أهللنا يوم التروية.

(وقال عبيد بن جريج) مما وصله المؤلّف في باب: غسل الرجلين في النعلين وفي اللباس (لابن عمر) بن الخطاب (-رضي الله عنهما- رأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس) بالحج (إذا رأوا الهلال) قيل: إن ذلك منهم محمول على الاستحباب، وبه قال مالك وأبو ثور: وقال ابن المنذر: الأفضل أن يهل يوم التروية إلا المتمتع الذي لا يجد الهدي ويريد الصوم فيعجل الإهلال ليصوم ثلاثة أيام بعد أن يحرم. (ولم تهل أنت حتى يوم التروية)، بالحركات الثلاثة والجر رواية أبي ذر (فقال:) ابن عمر: (لم أر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يهل حتى تنبعث به راحلته).

فإن قلت: إهلاله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين انبعثت به راحلته إنما كان بذي الحليفة، وإهلال ابن عمر بمكة يوم التروية فكيف احتج به لما ذهب إليه ولم يكن إهلاله عليه الصلاة والسلام بمكة ولا يوم التروية؟.

أجاب ابن بطال: أن ذلك من جهة أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أهلّ من ميقاته في حين ابتدائه في عمل حجته واتصل له عمله ولم يكن بينهما مكث ينقطع به العمل، فكذلك المكيّ لا يهلّ إلا يوم التروية الذي هو أوّل عمله ليتصل عمله تأسيًّا به عليه الصلاة والسلام بخلاف ما لو أهل من أول الشهر.

٨٣ - باب أَيْنَ يُصَلِّي الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ؟

هذا (باب) بالتنوين (أين يصلّي الظهر يوم التروية؟) وهو ثامن الحجة.

١٦٥٣ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ "سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِشَىْءٍ عَقَلْتَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ؟ قَالَ: بِمِنًى. قُلْتُ: فَأَيْنَ صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ؟ قَالَ: بِالأَبْطَحِ. ثُمَّ قَالَ: افْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ". [الحديث ١٦٥٣ - طرفاه في: ١٦٥٤، ١٧٦٣].

وبالسند قال: (حدثني) بالإفراد (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا إسحاق الأزرق) هو ابن يوسف قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن عبد العزيز بن رفيع) بضم الراء وفتح الفاء وسكون المثناة التحتية آخره عين مهملة (قال: سألت أنس بن مالك -رضي الله عنه- قلت: أخبرني بشيء عقلته) بفتح القاف أي أدركته وفقهته جملة في موضع جر صفة لقوله بشيء (عن النبي) ولأبي ذر وابن عساكر: رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أين صلّى الظهر والعصر يوم التروية؟ قال) أنس: صلاهما (بمنى) اتفق الأربعة على استحبابه (قلت: فأين صلّى العصر يوم النفر؟) الأول بفتح النون وسكون الفاء

الرجوع من منى (قال) أنس: صلاها (بالأبطح) هو المحصب (ثم قال) أنس: (افعل كما يفعل أمراؤك) صلّ حيث يصلون، وفيه إشارة إلى الجواز وأن الأمراء إذ ذاك ما كانوا يواظبون على صلاة الظهر ذلك اليوم بمكان معين.

وفي هذا الحديث التحديث بلفظ الإفراد والجمع والعنعنة والقول والسؤال، ورواته ما بين بخاري وواسطي وكوفي، وليس لعبد العزيز بن رفيع عن أنس في الصحيحين إلا هذا الحديث، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الحج وكذا مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وقد قال الترمذي: بعد أن أخرجه صحيح مستغرب من حديث إسحاق الأزرق عن الثوري.

قال في الفتح: إن إسحاق تفرد به وله شواهد منها: في حديث جابر الطويل عند مسلم: فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فصلّى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ولأبي داود والترمذي وأحمد والحاكم من حديث ابن عباس: صلّى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الظهر يوم التروية والفجر يوم عرفة بمنى، ولابن خزيمة من طريق القاسم بن محمد بن عبد الله بن الزبير قال: من سنة الحج أن يصلّي الإمام الظهر وما بعدها والفجر بمنى ثم يغدون إلى عرفة.

ولهذه النكتة التي ذكرها الترمذي أردف المؤلّف هذا الحديث بطريق أبي بكر بن عياش عن عبد العزيز فقال بالسند السابق إليه:

١٦٥٤ - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ لَقِيتُ أَنَسًا. وَحَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ "خَرَجْتُ إِلَى مِنًى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ فَلَقِيتُ أَنَسًا -رضي الله عنه- ذَاهِبًا عَلَى حِمَارٍ، فَقُلْتُ: أَيْنَ صَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذَا الْيَوْمَ الظُّهْرَ؟ فَقَالَ: انْظُرْ حَيْثُ يُصَلِّي أُمَرَاؤُكَ فَصَلِّ".

(حدّثنا عليّ) هو ابن المديني أنه (سمع أبا بكر بن عياش) بتشديد التحتية آخره شين معجمة ابن سالم الأسدي الكوفي

<<  <  ج: ص:  >  >>