للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعيدهما أبدًا وقال الشافعية: لو جمع بينهما في وقت المغرب في أرض عرفات أو في الطريق أو صلّى كل صلاة في وقتها جاز وإن خالف الأفضل، وفي الحديث تخصيص لعموم الأوقات المؤقتة للصلوات الخمس ببيان فعله عليه الصلاة والسلام.

(فجاء المزدلفة فتوضأ فأسبغ) أي الوضوء فحذف المفعول. قال الخطابي: إنما ترك إسباغه حين نزل الشعب ليكون مستصحبًا للطهارة في طريقه وتجوز فيه لأنه لم يرد أن يصلّي به، فلما نزل المزدلفة وأرادها أسبغه، ويحتمل أن يكون تجديدًا وأن يكون عن حدث طرأ، واستبعد القول بأن المراد بقوله: لم يسبغ الوضوء اللغوي وأبعد منه أن المراد به الاستنجاء، ومما يقوّي استبعاده رواية المؤلّف السابقة في باب: الرجل يوضئ صاحبه عن أسامة أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عدل إلى الشعب فقضى حاجته فجعلت أصب الماء عليه ويتوضأ إذ لا يجوز أن يصب عليه أسامة إلا وضوء الصلاة لأنه كان لا يقرب منه أحد وهو على حاجته.

(ثم أقيمت الصلاة فصلّى) عليه الصلاة والسلام بالناس (المغرب) أي قبل حط الرحال كما جاء مصرحًا به في رواية أخرى، (ثم أناخ كل إنسان) منا (بعيره في منزله ثم أقيمت الصلاة فصلّى) عليه الصلاة والسلام بالناس صلاة العشاء (ولم يصل) نفلاً (بينهما) لأنه يخل بالجمع لأن الجمع يجعلهما كصلاة واحدة، فوجب الولاء كركعات الصلاة، ولولا اشتراط الولاء لما ترك عليه الصلاة والسلام الرواتب، لكن هذا فيه تفصيل بين جمع التقديم فيخل وبين جمع التأخير فلا كما سيأتي إن شاء الله تعالى بيانه عن قريب، والله الموفق.

٩٦ - باب مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَتَطَوَّعْ

(باب من جمع بينهما) أي بين العشاءين بالمزدلفة (ولم يتطوع) بينهما ولا على أثر واحدة منهما.

١٦٧٣ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "جَمَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ. كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِإِقَامَةٍ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا، وَلَا عَلَى إِثْرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا".

وبالسند قال: (حدّثنا آدم) بن أبي أياس عبد الرحمن قال: (حدّثنا ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب المدني (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن سالم بن عبد الله) بن عمر (عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال):

(جمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين المغرب والعشاء بجمع) بسكون الميم بعد فتح الجيم أي المزدلفة وسقط لأبي ذر لفظة بين فقوله المغرب نصب على المفعولية والعشاء عطف عليه (كل واحدة منهما) من العشاءين (بإقامة ولم يسبح) أي لم يتنفل (بينهما ولا على إثر كل واحدة منهما) بكسر الهمزة وسكون المثلثة من أثر بمعنى أثر بفتحتين أي عقبها أي لم يصل بعد كل واحدة منهما، وليس المراد أنه لم يتنفل لا بينهما ولا بعدهما لأن المنفي التعقيب لا المهلة، وحينئذ فلا ينافي قولهم باستحباب تأخير سنة العشاءين عنهما، ومذهب الشافعية: أنه إذا جمع بين الظهر والعصر قدّم سنة الظهر التي قبلها وله تأخيرها سواء جمع تقديمًا أو تأخيرًا، وتوسيطها إن جمع تأخيرًا سواء قدم الظهر أو العصر وأخر سنتها التي بعدها، وله توسيطها إن جمع تأخيرًا وقدم الظهر وأخر عنهما سنة العصر، وله توسيطها وتقديمها إن جمع تأخيرًا سواء قدم الظهر أم العصر وإذا جمع بين المغرب والعشاء أخر سنتهما، وله توسيط سنة المغرب إن جمع تأخيرًا وقدم المغرب، وتوسيط سنة العشاء إن جمع تأخيرًا وقدم العشاء وما سوى ذلك ممنوع، وهذا كله بناء على أن الترتيب والولاء شرطان في جمع التقديم دون جمع التأخير، والأولى من ذلك تقديم سنة الظهر أو المغرب القدمة وتأخير ما سواها على كل تقدير.

وهذا الحديث أخرجه أبو داود في الحج وكذا النسائي.

١٦٧٤ - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ". [الحديث ١٦٧٤ - طرفه في: ٤٤١٤].

وبه قال: (حدّثنا خالد بن مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء البجلي قال: (حدّثنا سليمان بن بلال) هو سليمان بن أيوب بن بلال القرشي قال: (حدّثنا يحيى بن سعيد) الأنصاري (قال: أخبرني) بالإفراد (عدي بن ثابت) هو عدي بن أبان بن ثابت الأنصاري (قال: حدثني) بالإفراد (عبد الله بن يزيد الخطمي) بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء المهملة نسبة إلى خطمة فخذ من الأوس ويزيد من الزيادة (قال: حدثني) بالإفراد (أبو أيوب) خالد (الأنصاري) -رضي الله عنه-.

(أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جمع في حجة الوداع المغرب والعشاء بالمزدلفة) أي: ولم يصل بينهما تطوّعًا، وقد سبق قريبًا أنه يسنّ التطوّع على التفصيل السابق. نعم لا يسنّ التنفل المطلق لا بين الصلاتين ولا على

<<  <  ج: ص:  >  >>