للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وما ورد في الأحاديث من الجمع بين الصلاتين في السفر فمعناه الجمع بينهما فعلاً لا وقتًا اهـ. فليتأمل.

(وصلّى الفجر) حين طلوعه (قبل ميقاتها) المعتاد مبالغة في التبكير ليتسع الوقت لفعل ما يستقبل من المناسك وإلاّ فقد كان يؤخرها في غير هذا اليوم حتى يأتيه بلال، وليس المراد أنه صلاها قبل الفجر إذ هو غير جائز بالاتفاق.

ورواة هذا الحديث كلهم كوفيون، وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي في الحج.

١٦٨٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ "خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- إِلَى مَكَّةَ، ثُمَّ قَدِمْنَا جَمْعًا فَصَلَّى الصَّلَاتَيْنِ: كُلَّ صَلَاةٍ وَحْدَهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَالْعَشَاءُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ -قَائِلٌ يَقُولُ طَلَعَ الْفَجْرُ، وَقَائِلٌ يَقُولُ لَمْ يَطْلُعِ الْفَجْرُ- ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ حُوِّلَتَا عَنْ وَقْتِهِمَا فِي هَذَا الْمَكَانِ: الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، فَلَا يَقْدَمُ النَّاسُ جَمْعًا حَتَّى يُعْتِمُوا، وَصَلَاةَ الْفَجْرِ هَذِهِ السَّاعَةَ. ثُمَّ وَقَفَ حَتَّى أَسْفَرَ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفَاضَ الآنَ أَصَابَ السُّنَّةَ. فَمَا أَدْرِي أَقَوْلُهُ كَانَ أَسْرَعَ أَمْ دَفْعُ عُثْمَانَ -رضي الله عنه-، فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ".

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن رجاء) بفتح الراء والجيم مولى ابن عمرو يقال ابن المثنى بدل عمر الغداني بضم المعجمة وتخفيف الدال المهملة البصري. قال أبو حاتم: كان ثقة رضا. قال ابن معين: ليس به بأس، وقال عمرو بن الفلاس: كان كثير الغلط والتصحيف ليس بحجة اهـ.

وقد لقيه المؤلّف وحدث عنه بأحاديث يسيرة وروى له النسائي وابن ماجة قال: (حدّثنا إسرائيل) بن يونس (عن) جده (أبي إسحاق) عمرو بن عبيد الله السبيعي (عن عبد الرحمن بن يزيد) النخعي الكوفي (قال: خرجنا) بلفظ الجمع، ولأبي ذر: خرجت (مع عبد الله) بن مسعود (-رضي الله عنه- إلى مكة، ثم قدمنا جمعًا) بفتح الجيم وسكون الميم أي المزدلفة من عرفات (فصلّى الصلاتين): المغرب والعشاء (كل صلاة) بنصب كل أي صلّى كل صلاة منهما (وحدها بأذان وإقامة، والعشاء بينهما:) بكسر العين في فرع اليونينية وغيره، وفي بعض الأصول وهو الذي في اليونينية: والعشاء بفتحها وهو الصواب لأن المراد به الطعام أي أنه تعشى بين الصلاتين وقد وقع مبينًا فيما

سبق بلفظ: إنه دعا بعشائه فتعشى ثم صلّى العشاء. قال عياض: وإنما فعل ذلك لينبه على أنه يغتفر الفصل اليسير بينهما، والواو في قوله والعشاء للحال. (ثم صلّى الفجر حين طلع الفجر قائل) كذا في فرع اليونينية قائل بغير واو وفي غيره: وقائل بإثباتها (يقول طلع الفجر، وقائل يقول لم يطلع الفجر، ثم قال: إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(إن هاتين الصلاتين حولتا) غيرتا (عن وقتهما) المعتاد (في هذا المكان) المزدلفة قال البلقيني فيما نقله عنه صاحب اللامع: لعل هذا مدرج من كلام ابن مسعود، ففي باب: من أذن وأقام قال عبد الله: هما صلاتان محوّلتان. قال: وحكى البيهقي عن أحمد ترددًا في أنه مرفوع أو مدرج، ثم جزم البيهقي بأنه مدرج، وأجاب البرماوي. بأنه لا تنافي بين الأمرين فمرة رفع ومرة وقف (المغرب والعشاء) بالنصب فيهما. قال الزركشي: بدل من اسم أن وكذا صلاة الفجر، وتعقبه الدماميني: بأن المبدل منه مثنى فلا يبدل منه بدل كل إلا ما يصدق عليه المثنى وهو اثنان فحينئذ المغرب وصلاة الفجر مجموعهما هو البدل، ويحتمل أن يكون نصبهما بفعل محذوف أي أعني المغرب وصلاة الفجر اهـ.

ويجوز الرفع فيهما على أن المغرب خبر مبتدأ محذوف تقديره إحدى الصلاتين المغرب، وسقط في رواية ابن عساكر: والعشاء.

(فلا يقدم الناس جمعًا) أي المزدلفة بفتح دال يقدم بعد سكون قافها (حتى يعتموا)، بضم أوله وكسر ثالثه من الإعتام أي يدخلوا في العتمة وهو وقت العشاء الأخيرة (وصلاة الفجر) بالنصب، ولأبي ذر: صلاة بالرفع كإعراب المغرب فيهما السابق (هذه الساعة) بالنصب أي بعد طلوع الفجر قبل ظهوره للعامة.

(ثم وقف) ابن مسعود -رضي الله عنه- بمزدلفة أو بالشعر الحرام (حتى أسفر) أضاء الصبح وانتشر ضوءه (ثم قال): (لو أن أمير المؤمنين) عثمان -رضي الله عنه- (أفاض الآن) عند الإسفار قبل طلوع الشمس (أصاب السنة) التي فعلها رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خلافًا لما كانت عليه الجاهلية من الإفاضة بعد طلوع الشمس كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الباب التالي.

قال عبد الرحمن بن يزيد الراوي عن ابن مسعود: (فما أدري أقوله) أي أقول ابن مسعود لو أن أمير المؤمنين أفاض الخ. (كان أسرع أم دفع عثمان -رضي الله عنه-) أي: أسرع. ووقع في شرح الكرماني وتبعه البرماوي أن القائل: فما أدري الخ. هو ابن مسعود نفسه وهو خطأ كما قاله في فتح الباري. قال: ووقع في رواية جرير بن حازم عن أبي أسحق عند أحمد من الزيادة في هذا الحديث أن نظير هذا القول صدر من ابن مسعود عند الدفع من عرفة أيضًا ولفظه: فلما وقفنًا

<<  <  ج: ص:  >  >>