للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا يكون قطعة من العذاب لما فيه من المشقة.

(فإذا قضى) المسافر (نهمته) بفتح النون وإسكان الهاء أي رغبته وشهوته وحاجته (فليعجل) الرجوع (إلى أهله) زاد في حديث عائشة عند الحاكم فإنه أعظم لأجره. قال ابن عبد البر: وزاد فيه بعض الضعفاء عن مالك وليتخذ لأهله هدية وإن لم يجد إلا حجرًا يعني حجر الزناد قال: وهي زيادة منكرة.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الجهاد وفي الأطعمة ومسلم في المغازي والنسائي في السير.

٢٠ - باب الْمُسَافِرِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ يُعَجِّلُ إِلَى أَهْلِهِ

(باب المسافر إذا جدّ به السير) قال ابن الأثير إذا اهتم به وأسرع فيه، يقال جدّ يجد ويجدّ بالضم والكسر وجد به الأمر وأجد وجد فيه وأجد إذا اجتهد وجواب إذا قوله (يعجل إلى أهله) بضم الياء وفتح العين وتشديد الجيم، وفي نسخة: تعجل بفتح المثناة الفوقية والجيم، وللكشميهني والنسفيّ كما في الفتح: ويعجل بالواو وجواب إذًا حينئذٍ محذوف أي ماذا يصنع.

١٨٠٥ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ "كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَبَلَغَهُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ شِدَّةُ وَجَعٍ، فَأَسْرَعَ السَّيْرَ، حَتَّى كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ نَزَلَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعَتَمَةَ -جَمَعَ بَيْنَهُمَا- ثُمَّ قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا".

وبالسند قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) الجمحي قال: (أخبرنا محمد بن جعفر) هو ابن أبي كثير المدني (قال: أخبرني) بالإفراد (زيد بن أسلم) العدوي مولى عمر المدني كان يرسل (عن أبيه) أسلم وهو مخضرم مات سنة ثمانين وهو ابن أربع عشرة ومائة سنة (قال: كنت مع عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- بطريق مكة فبلغه عن) زوجته (صفية بنت أبي عبيد) الثقفي والد المختار الكذاب الخارجي، وكان يزعم أن جبريل عليه الصلاة والسلام يأتيه بالوحي (شدة وجع فأسرع السير) فيه تعدى أسرع إلى المفعول بنفسه فيرد على من اعترض على المؤلّف في قوله السابق باب: من أسرع ناقته بأنه إنما يتعدى بحرف الجر (حتى إذا كان بعد غروب الشفق نزل) عن دابته (فصلّى المغرب والعتمة جمع بينهما ثم قال): أي ابن عمر (إني رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا جد به السير أخر المغرب) إلى وقت العشاء (وجمع بينهما) جمع تأخير والجملة حالية أو استئنافية.

بسم الله الرحمن الرحيم

[٢٧ - أبواب المحصر]

(بسم الله الرحمن الرحيم).

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦]. وَقَالَ عَطَاءٌ: الإِحْصَارُ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ يَحْبِسُهُ.

(باب) بيان أحكام (المحصر) بضم الميم وسكون الحاء وفتح الصاد المهملتين آخره راء، ولأبي ذر: أبواب بالجمع والمحصر الممنوع من الوقوف بعرفة أو الطواف بالبيت كالمعتمر الممنوع منه (و) أحكام (جزاء الصيد) الذي يتعرض إليه المحرم، (وقوله تعالى) بالرفع على الاستئناف أو الجر عطفًا على المحصر أي: وبيان المراد من قوله تعالى: ({فإن أحصرتم}) منعتم يقال: حصره العدوّ وأحصره إذا حبسه ومنعه عن المضي مثل صده وأصدّه ({فما استيسر من الهدي}) أي فعليكم ما استيسر أو فاهدوا ما استيسر، والمعنى: إن منعتم عن المضي إلى البيت وأنتم محرمون بحج أو عمرة فعليكم إذا أردتم التحلل أن تتحللوا بذبح هدي يسر عليكم من بدنة أو بقرة أو شاة حيث أحصرتم عند الأكثر ({ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله}) [البقرة: ١٩٦] حيث يحل ذبحه حلاً كان أو حرامًا أو لا تحلوا حتى تعلموا أن الهدي المبعوث به إلى الحرم بلغ محله أي مكانه الذي يجب أن

ينحر فيه، وسقط في رواية أبي ذر قوله: ولا تحلقوا الخ.

(وقال عطاء): هو ابن أبي رباح مما وصله ابن أبي شيبة (الإحصار من كل شيء بحسبه) والذي في اليونينية يحبسه بفتح التحتية وسكون المهملة وكسر الموحدة بعدها سين مهملة فلا يختص بمنع العدوّ فقط بل هو عام في كل حابس من عدوّ ومرض وغيرهما، وبه قال الحنفية ككثير من الصحابة وغيرهم، حتى أفتى ابن مسعود رجلاً لدغ بأنه محصر أخرجه ابن حزم بإسناد صحيح والطحاوي ولفظه عن علقمة قال: لدغ صاحب لنا وهو محرم بعمرة فذكرناه لابن مسعود فقال: يبعث بهدي

ويواعد أصحابه موعدًا فإذا نحر عنه حل قالوا: وإذا قامت الدلالة على أن شرعيته للحابس مطلقًا استفيد جوازه لمن سرقت نفقته ولا يقدر على المشي.

وقال مالك والشافعي وأحمد: لا إحصار إلا بالعدوّ لأن الآية وردت لبيان حكم انحصاره عليه الصلاة والسلام وأصحابه وكان بالعدوّ، وقال في سياق الآية: فإذا أمنتم فعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>