للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قطع الخفين للمحرم وأن المراد بالكعب هنا المفصل الذي في القدم عند معقد الشراك دون الناتئ وأنكره الأصمعي ولا فدية عليه وقال الحنفية: عليه الفدية. وقال الحنابلة: لا يقطعهما ولا فدية عليه، واحتجوا بحديث ابن عباس الآتي إن شاء الله تعالى في الباب الآتي بعد هذا الباب ولفظه: من لم يجد النعلين فليلبس الخفين ومن لم يجد إزار فليلبس سراويل.

وأجيب: بأنه مطلق. وحديث الباب مقيد فيحمل المطلق على المقيد لأن الزيادة من الثقة مقبولة، وقد وقع السؤال عما يلبس المحرم؟ وأجيب: بما لا يلبس ليدل بالالتزام من طريق المفهوم على ما يجوز وإنما عدل عن الجواب المطابق إلى هذا الجواب لأنه أخصر فإن ما يحرم أقل وأضبط مما يحل، أو لأن السؤال كان من حقه أن يكون عما لا يلبس لأن الحكم العارض المحتاج إلى البيان هو الحرمة، وأما جواز ما يلبس فثابت بالأصل معلوم بالاستصحاب فلذلك أتى بالجواب على وفقه تنبيهًا على ذلك.

والحاصل أنه نبه بالقميص والسراويل على جميع ما في معناهما وهو ما كان مخيطًا أو معمولاً على قدر البدن أو العضو كالجوشن والران والتبان وغيرها وبالعمائم والبرانس على كل ساتر للرأس مخيطًا كان أو غيره حتى العصابة فإنها حرام ونبه بالخفاف على كل ساتر للرجل من مداس وغيره، وهذا الحكم خاص بالرجال بدليل توجيه الخطاب نحوهم.

(ولا تلبسوا) في حال الإحرام (شيئًا مسّه زعفران ولا الورس) ولا ما في معناهما مما يقصد به رائحته غالبًا كالمسك والعود والورد فيحرم مع وجوب الفدية بالتطيب ولو كان أخشم في ملبوسه

ولو نعلاً أو بدنه ولو باطنًا بنحو أكل قياسًا على الملبوس المذكور في الحديث لا ما يقصد به الأكل أو التداوي وإن كان له رائحة طيبة كالتفاح والأترج والقرنفل والدارصيني وسائر الأبازير الطيبة كالفلفل والمصطكي فلا تجب فيه الفدية لأنه إنما يقصد منه الأكل أو التداوي كما مرّ، ولا ما ينبت بنفسه وإن كان له رائحة طيبة كالشيح والقيصوم والخزامى لأنه لا يعد طيبًا وإلا لاستنبت وتعهد كالورد ولا بالعصفر والحناء وإن كان لهما رائحة طيبة لأنه إنما يقصد منه لونه، وتجب الفدية في النرجس والريحان الفارسي وهو الضيمران بفتح المعجمة وضم الميم كما ضبطه النووي قال في المهمات: لكنه لغة قليلة، والمعروف المجزوم به في الصحاح أن الضومران بالواو وفتح الميم وهو نبت بري. وقال ابن يونس: المرسين. وقوله: ولا الورس بفتح الواو وسكون الراء آخره مهملة أشهر طيب في بلاد اليمن، والحكمة في تحريم الطيب البعد عن التنعم وملاذ الدنيا ولأنه أحد دواعي الجماع وهذا الحكم المذكور يعم الرجل والمرأة.

(ولا تنتقب المرأة) بنون ساكنة بعد تاء المضارعة وكسر القاف وجزم الفعل على النهي فيكسر لالتقاء الساكنين، ويجوز رفعه على أنه خبر عن حكم الله لأنه جواب عن السؤال عن ذلك. وللكشميهني: ولا تتنقب بمثناتين فوقيتين مفتوحتين والقاف المشددة المرأة (المحرمة ولا تلبس القفازين) تثنية قفاز بضم القاف وتشديد الفاء بوزن رمان في القاموس شيء يعمل لليدين يحشى بقطن تلبسهما المرأة للبرد أو ضرب من الحلي لليدين والرجلين، وقال غيره هو ما تلبسه المرأة في يديها فيغطي أصابعها وكفيها عند معاناة الشيء في غزل ونحوه.

وروى أحمد وأبو داود والحاكم من طريق ابن إسحاق حدثني نافع عن ابن عمر أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في إحرامهن عن القفازين وما مس الورس والزعفران من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب فيباح لها ستر جميع بدنها بكل ساتر مخيطًا كان أو غيره إلا وجهها فإنه حرام كذا ستر الكفّين بقفازين أو واحدهما بأحدهما لأن القفازين ملبوس عضو ليس بعورة فأشبه خف الرجل ويجوز سترهما بغيرهما ككم. وخرقة لفتها عليهما للحاجة إليه ومشقة الاحتراز عنه. نعم، يعفى عما تستره من الوجه احتياطًا للرأس إذ لا يمكن استيعاب ستره إلا بستر قدر يسير مما يليه من الوجه والمحافظة على ستره بكماله لكونه عورة أولى من المحافظة على كشف ذلك القدر من الوجه، ويؤخذ من هذا التعليل

<<  <  ج: ص:  >  >>