للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث سعد بن أبي وقاص عند البزار بسند رجاله ثقات، وعند الطبراني من حديث ابن عمر بلفظ القبر، فعلى هذا المراد بالبيت في قوله بيتي أحد بيوته لا كلها وهو بيت عائشة الذي صار فيه قبره. وقد ورد الحديث بلفظ ما بين المنبر وبيت عائشة روضة من رياض الجنة أخرجه الطبراني في الأوسط اهـ.

(ومنبري) يوضع بعينه يوم القيامة (على حوضي) والقدرة صالحة لذلك وقيل يوضع له هناك منبر وقيل ملازمة منبره للأعمال الصالحة تورد صاحبها الحوض وهو الكوثر فيشرب منه واستدلّ به

على أن المدينة أفضل من مكة لأنه أثبت أن الأرض التي بين البيت والمنبر من الجنة، وقد قال في الحديث الآخر: "لقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها".

وأجيب: بأن قوله من الجنة مجاز ولو كانت من الجنة حقيقة لكانت كما وصف الله الجنة بقوله تعالى: {إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى} [طه: ١١٨] سلمنا أنه على الحقيقة، لكن لا نسلم أن الفضل لغير تلك البقعة.

وهذا الحديث قد سبق في آخر كتاب الصلاة في باب فضل ما بين القبر والمنبر.

١٨٨٩ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ:

كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ

وَكَانَ بِلَالٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ الْحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ يَقُولُ:

أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ

وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ ... وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ

قَالَ: اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ. اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَفِي مُدِّنَا، وَصَحِّحْهَا لَنَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ. قَالَتْ: وَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهْيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ، قَالَتْ: فَكَانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلاً. تَعْنِي مَاءً آجِنًا". [الحديث ١٨٨٩ - أطرافه في: ٣٩٢٦، ٥٦٥٤، ٥٦٧٧، ٦٣٧٢].

وبه قال: (حدّثنا عبيد بن إسماعيل) بضم العين واسمه في الأصل عبد الله القرشي الكوفي الهباري قال: (حدّثنا أبو أسامة) بضم الهمزة حماد بن أسامة (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام (عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما قدم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة) يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول كما جزم به النووي في كتاب السير من الروضة (وعك) بضم الواو وكسر العين المهملة أي حمّ (أبو بكر) الصديق (وبلال) -رضي الله عنهما- (فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول):

(كل امرئ مصبح) بضم الميم وفتح الصاد المهملة والموحدة المشددة أي يقال له أنعم صباحًا أو يسقي صبوحه وهو شرب الغداة (في أهله).

(والموت أدنى) أقرب (من الشراك نعله).

بكسر الشين المعجمة وسكون الهاء فيهما في اليونينية أحد سيور النعل التي تكون على وجهها.

(وكان بلال) -رضي الله عنه- (إذا أقلع) بضم الهمزة مبنيًا للمفعول ولأبي ذر أقلع بفتحها أي كف (عنه الحمى يرفع عقيرته) بفتح العين وكسر القاف وسكون التحتية فعيلة بمعنى مفعولة أي صوته باكيًا حال كونه (يقول):

(ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة).

(بواد) ويروى بفج (وحولي) مبتدأ خبره (إذخر) بكسر الهمزة وبمعجمتين الحشيش المعروف (وجليل).

بفتح الجيم وكسر اللام الأولى نبت ضعيف وهو الثمام والجملة حالية وأنشده الجوهري في مادة جلل بمكة حولي بلا واو وهو أيضًا حال:

(وهل أردن) بالنون الخفيفة (يومًا مياه مجنة).

بفتح الميم وكسرها وفتح الجيم والنون المشددة موضع على أميال يسيرة من مكة بناحية مرّ الظهران. وقال الأزرقي: على بريد من مكة وهو سوق هجر (وهل يبدون) بالنون الخفيفة أي يظهرن (لي شامة) بالشين المعجمة (وطفيل).

بفتح المهملة وكسر الفاء جبلان على نحو ثلاثين ميلاً من مكة أو الأول جبل من حدود هرشى مشرف هو وشامة على مجنة أو عينان. قيل: وليس هذان البيتان لبلال بل لبكر بن غالب بن عامر بن الحرث بن مضاض الجرهمي أنشدهما عندما نفتهم خزاعة من مكة. وتأمل كيف تعزى أبو بكر -رضي الله عنه- أخذ الحمى بما ينزل به من الموت الشامل للأهيل والغريب، وبلال -رضي الله عنه- تمنى الرجوع إلى وطنه على عادة الغرباء يظهر لك فضل أبي بكر على غيره من الصحابة -رضي الله عنهم-.

(قال): أي بلال، وفي نسخة: وقال بواو العطف، وسقط ذلك في رواية أبي ذر وابن عساكر واقتصر على قوله: (اللهم العن شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة وأمية بن خلف كما أخرجونا) أي اللهم أبعدهم من رحمتك كما أبعدونا (من أرضنا) مكة (إلى أرض الوباء) بالهمزة والمد وقد يقصر الموت الذريع يريد المدينة (ثم قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد) حبًا من حبنا لمكة (اللهم بارك لنا في صاعنا وفي مدنا) صاع المدينة وهو كيل يسع

<<  <  ج: ص:  >  >>