للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخبرني بالإفراد فيهما (أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أصحابه (عن الوصال في الصوم) فرضًا أو نفلاً (فقال له رجل من المسلمين) لم يسم، وفي رواية عقيل في التعزيز فقال له رجال: (إنك تواصل يا رسول الله) أي ووصلك دال على إباحته فأجابهم عليه الصلاة والسلام بأن ذلك من خصائصه حيث قال:

(وأيكم) وفي نسخة: فأيكم (مثلي) استفهام يفيد التوبيخ المشعر بالاستبعاد (إني أبيت يطعمني ربي وشقين) بحذف الياء وثبوتها كما سبق تقريره (فلما أبوا) أي امتنعوا (أن ينتهوا عن الوصال) لظنهم أن نهيه عليه الصلاة والسلام نهي تنزيه لا تحريم، وللكشميهني كما في الفتح من الوصال بالميم بدل العين (واصل بهم) عليه الصلاة والسلام (يومًا ثم يومًا) أي يومين لأجل المصلحة ليبين لهم الحكمة في ذلك (ثم رأوا الهلال فقال) عليه الصلاة والسلام (لو تأخر) الشهر (لزدتكم) في الوصال إلى أن تعجزوا عنه فتسألوا التخفيف منه بالترك (كالتنكيل لهم) وفي رواية معمر في التمني كالمنكل لهم ووقع فيها عند المستملي كالمنكر لهم بالراء وسكون النون من الإنكار، وللحموي كالمنكي بتحتية ساكنة قبلها كاف مكسورة خفيفة من الإنكاء والأول هو الذي تضافرت به الروايات خارج هذا الكتاب (حين أبوا) أي امتنعوا (أن ينتهوا) أي عن الانتهاء عن الوصال، وهذا الحديث أخرجه أيضًا النسائي.

١٩٦٦ - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ، مَرَّتَيْنِ. قِيلَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ: إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ، فَاكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ».

وبه قال (حدّثنا يحيى) غير منسوب، ولأبي ذر كما في الفتح يحيى بن موسى وهو المعروف بخت قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام الصنغاني (عن معمر) هو ابن راشد (عن همام) بن منبه الصنعاني (أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(إياكم والوصال) نصب على التحذير أي احذروا الوصال (مرتين) وعند ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من طريق أبي زرعة عن أبي هريرة بلفظ إياكم والوصال ثلاث مرات (قيل إنك تواصل قال): عليه الصلاة والسلام: (إني أبيت) وفي حديث أنس في باب التمني إني أظل وهو محمول على مطلق الكون لا على حقيقة اللفظ لأن المتحدث عنه هو الإمساك ليلاً لا نهارًا، وأكثر الروايات إنما هو بلفظ: أبيت فكأن بعض الرواة عبر عنها بلفظ أظل نظرًا إلى اشتراكهما في مطلق الكون قال تعالى: {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودًا} [النحل: ٥٨] فالمراد به مطلق الوقت ولا اختصاص لذلك بنهار دون ليل (يطعمني ربي ويسقين) جملة حالية (فاكلفوا) بهمزة وصل وسكون

الكاف وفتح اللام من كلفت بهذا الأمر أكلف به من باب علم يعلم أن تكلفوا (من العمل ما تطيقون) أي تطيقونه فحذف العائد أي الذي تقدرون عليه ولا تتكلفوا فوق ما تطيقونه فتعجزوا.

٥٠ - باب الْوِصَالِ إِلَى السَّحَرِ

(باب) جواز (الوصال إلى السحر) أطلق عليه وصالاً لمشابهته له في الصورة وإلا فحقيقة الوصال أن يمسك جميع الليل كالنهار، لكن يحتاج إلى ثبوت الدعوى بأن الوصال إنما هو حقيقة في إمساك جميع الليل، فقد ورد أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يواصل من سحر إلى سحر رواه أحمد وعبد الرزاق عن علي.

١٩٦٧ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لَا تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ، قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِ».

وبالسند قال (حدّثنا إبراهيم بن حمزة) بالحاء المهملة والزاي ابن محمد بن حمزة بن مصعب بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي الزبيري المدني قال: (حدثني) بالإفراد (ابن أبي حازم) هو عبد العزيز (عن يزيد) بن عبد الله بن الهاد (عن عبد الله بن خباب) بمعجمة وموحدتين الأولى مثقلة المدني من موالي الأنصار وثقه أبو حاتم وغيره (عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول).

(لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر) بالجر بحتى الجارة وهو قول اللخمي من المالكية ونقل عن أحمد وعبارة الوداوي في تنقيحه ويكره الوصال ولا يكره إلى السحر نصًا وتركه أولى انتهى. وقال به أيضًا ابن خزيمة من الشافعية وطائفة من أهل الحديث (قالوا فإنك تواصل يا رسول الله قال): (لست) ولابن عساكر قال: إني لست (كهيئتكم إني أبيت) حال كوني

<<  <  ج: ص:  >  >>