للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يبنى على أن الوجوب إذا نسخ هل ينسخ الاستحباب أم لا؟ فيه اختلاف مشهور وإن كان أمره للاستحباب فيكون باقيًا على الاستحباب، وهذا الحديث أخرجه النسائي.

٢٠٠٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ -رضي الله عنهما- يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجَّ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: "يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ".

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بن قعنب الحارثي المدني القعنبي (عن مالك) إمام الأئمة ابن أنس الأصبحي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن حميد بن عبد الرحمن) بن عوف (أنه سمع معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-) واسم أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية الأموي وهو وأبوه من مسلمة الفتح، وقيل أسلم هو في عمرة القضاء وكتم إسلامه وكان أميرًا عشرين سنة وخليفة عشرين سنة وكان يقول أنا أول الملوك (يوم عاشوراء عام حج) وكان أول حجة حجها بعد أن استخلف في سنة أربع وأربعين وآخر حجة حجها سنة سبع وخمسين (على المنبر) زاد يونس عن الزهري بالمدينة، وقال: في روايته في قدمة قدمها (يقول يا أهل المدينة أين علماؤكم)؟ قال النووي: الظاهر أن معاوية قاله لما سمع من يوجبه أو يحرمه أو يكرهه فأراد إعلامهم بنفي الثلاثة اهـ.

فاستدعاؤه لهم تنبيهًا لهم على الحكم أو استعانة بما عندهم على ما عنده. (سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):

(هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه) بضم أول يكتب وفتح ثالثه مبنيًّا للمفعول وصيامه رفع نائب عن الفاعل ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر: ولم يكتب الله عليكم صيامه نصب على المفعولية، وهذا من كلام الشارع عليه الصلاة والسلام كما عند النسائي، واستدلّ به الشافعية والحنابلة على أنه لم يكن فرضًا قط ولا نسخ برمضان، وتعقب بأن معاوية من مسلمة الفتح فإن كان سمع هذا بعد إسلامه فإنما يكون سمعه سنة تسع أو عشر فيكون ذلك بعد نسخه بإيجاب رمضان، ويكون المعنى لم يفرض بعد إيجاب رمضان جميعًا بينه وبين الأدلة الصريحة في وجوبه، وإن كان سمعه قبله فيجوز كونه قبل افتراضه، ونسخ عاشوراء برمضان في الصحيحين عن عائشة وكون لفظ أمر في قوله وأمر بصيامه مشتركًا بين الصيغة الطالبة ندبًا وإيجابًا ممنوع ولو سلم فقولها، فلما فرض رمضان قال من الخ دليل على أنه مستعمل هنا في الصيغة الموجبة للقطع أن التخيير ليس باعتبار الندب لأنه مندوب إلى الآن فكان باعتبار الوجوب. (وأنا صائم فمن شاء فليصم) ولابن عساكر في نسخة: فليصمه بضمير المفعول (ومن شاء فليفطر) بحذف ضمير المفعول.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الصوم وكذا النسائي.

٢٠٠٤ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ". [الحديث ٢٠٠٤ - أطرافه في: ٣٣٩٧، ٣٩٤٣، ٤٦٨٠، ٤٧٣٧].

وبه قال: (حدّثنا أبو معمر) عبد الله بن عمرو المنقري المقعد قال: (حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد قال: (حدّثنا أيوب) السختياني قال: (حدّثنا عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة) فأقام إلى يوم عاشوراء من السنة الثانية (فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال): عليه الصلاة والسلام لهم: (ما هذا) الصوم؟ (قالوا: هذا يوم صالح) وعند ابن عساكر تكرير هذا يوم صالح مرتين (هذا يوم نجى الله) يوم بغير تنوين في اليونينية مصحح عليه وفي غيرها منوّنًا (بني إسرائيل) ولمسلم موسى وقومه (من عدوهم) فرعون حيث أغرق في اليم (فصامه موسى)، زاد مسلم في روايته شكرًا لله تعالى فنحن نصومه، وعند المصنف في الهجرة ونحن نصومه تعظيمًا له، وزاد أحمد من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وهو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجوديّ فصامه نوح شكرًا.

(قال): النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فأنا أحق بموسى منكم فصامه) كما كان يصومه قبل ذلك (وأمر) الناس (بصيامه) فيه دليل لمن قال كان قبل النسخ واجبًا، لكن أجاب أصحابنا بحمل الأمر هنا على تأكد الاستحباب وليس صيامه عليه الصلاة والسلام له تصديقًا لليهود بمجرد قولهم بل كان يصومه قبل ذلك كما

وقع التصريح به في حديث عائشة، وجوّز المازري نزول الوحي على وفق قولهم أو تواتر عنده الخبر أو صامه باجتهاده أو أخبره من أسلم منهم كابن سلام.

والأحقية باعتبار الاشتراك في الرسالة والأخوة في الدين والقرابة

<<  <  ج: ص:  >  >>