للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبي ذر قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسقط ذلك لابن عساكر كالأوّل.

وبه قال: (ح حدّثنا) ولأبوي ذر والوقت: وحدّثني بالواو والإفراد، ولابن عساكر: وحدّثنا بالواو والجمع (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا ابن عيينة) سفيان (عن أبي فروة) عروة الأكبر (قال: سمعت الشعبي) عامرًا يقول: (سمعت النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولم يذكر لفظ ابن عيينة عن أبي فروة في الطريقين، ولفظه كما عند ابن خزيمة في صحيحه والإسماعيلي من طريقه: حلال بين وحرام بيّن ومشتبهات بين ذلك فذكره وفي آخره: ولكل ملك حمى وحمى الله في الأرض معاصيه.

وبه قال: (ح حدّثنا محمد بن كثير) بالمثلثة العبدي البصري قال ابن معين: لم يكن بالثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، ووثقه أحمد بن حنبل وروى عنه البخاري ثلاثة أحاديث في العلم وهذا الحديث والتفسير وقد توبع عليها قال: (أخبرنا سفيان عن أبي فروة عن الشعبي عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(الحلال بيّن) واضح لا يخفى حلّه وهو ما علم ملكه يقينًا (والحرام بيّن) واضح لا تخفى حرمته وهو ما علم ملكه لغيره (وبينهما) أي الحلال والحرام الواضحين (أمور مشتبهة) بسكون الشين المعجمة وفتح المثناة الفوقية وكسر الموحدة بلفظ التوحيد أي مشتبهة على بعض الناس لا يدرى أهي من الحلال أم من الحرام لا أنها في نفسها مشتبهة لأن الله تعالى بعث رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مبيّنًا للأمة جميع ما يحتاجونه في دينهم كذا قرره البرماوي كالكرماني. وقال ابن المنير: فيه دليل على بقاء المجملات بعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خلافًا لمن منع ذلك، وتأوّل ذلك من قوله تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} [الأنعام: ٣٨]. وإنما المراد أن أصول البيان في كتاب الله تعالى فلا مانع من الإجمال والاشتباه حتى يستنبط له البيان، ومع ذلك قد يتعذر البيان ويبقى التعارض فلا يطلع على ترجيح، فيكون البيان حينئذٍ الاحتياط والاستبراء للعرض والدين والأخذ بالأشد على قول أو يتخير المجتهد على قول أو يرجع إلى البراءة الأصلية، وكل ذلك بيان يرجع إليه عند الاشتباه من غير أن يجحد الإجمال أو الإشكال. قال ابن حجر الحافظ: وفي الاستدلال بذلك نظر إلا إن أراد به مجمل في حق بعض دون بعض أو أراد الردّ على منكري القياس فيحتمل ما قاله. والله أعلم. فمن ترك ما شبه عليه من الإثم) بضم الشين وكسر الموحدة المشدّدة (كان لما استبان) أي ظهر حرمته (أترك) نصب خبر كان (ومن اجترأ) بالراء من الجراءة (على ما يشك) لفتح أوّله وضم ثانيه، ولأبي ذر: يشك بضم أوله وفتح ثانيه مبنيًّا للمفعول (فيه من الاثم) بهمزة قطع (أوشك) بفتح الهمزة والمعجمة أي قرب (أن يواقع ما استبان) أي ظهر حرمته فينبغي اجتناب ما اشتبه لأنه إن كان في نفس الأمر حرامًا فقد برئ من تبعته وإن كان حلالاً على تركه بهذا القصد الجميل، وزاد في حديث باب: فضل من استبرأ لدينه: "ألا وإن لكل ملك حمى" (والمعاصي) التي حرمها كالقتل والسرقة (حمى الله من يرتع حول الحمى يوشك) بكسر المعجمة أي يقرب (أن يواقعه) أي يقع فيه شبه المكلف بالراعي والنفس البهيمية والأنعام والمشبهات بما حول الحمى والمعاصي بالحمى وتناوله المشبهات

بالرتع حول الحمى فهو تشبيه بالمحسوس الذي لا يخفى حاله، ووجه التشبيه حصول العقاب بعدم الاحتراز في ذلك كما أن الراعي إذا جرّه رعيه حول الحمى إلى وقوعه استحق العقاب لذلك فكذا من أكثر من الشبهات وتعرض لمقدماتها وقع في الحرام فاستحق العقاب.

قال في فتح الباري: واختلف في حكم المشبهات. فقيل التحريم وهو مردود، وقيل الوقف وهو كالخلاف فيما قبل الشرع وحصل ما فسر به العلماء الشبهات أربعة أشياء.

أحدها: تعارض الأدلة.

ثانيها: اختلاف العلماء وهي منتزعة من الأولى.

ثالثها: أن المراد بها قسم المكروه لأنه يجتذبه جانبًا الفعل والترك.

رابعها: المراد بها المباح ولا يمكن قائل هذا أن يحمله على متساوي الطرفين من كل وجه بل يمكن حمله على ما يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>