للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على الصائغ فالله أعلم. نعم قال ابن دريد فيما نقلوه عنه: أصل القين الحدّاد ثم صار كل صائغ قينًا عند العرب، وسقط في بعض الأصول ذكر الحداد، وكذا سقط لفظ ذكر لابن عساكر.

٢٠٩١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: "كُنْتُ قَيْنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ لِي عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ. قَالَ: لَا أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقُلْتُ: لَا أَكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ ثُمَّ تُبْعَثَ. قَالَ: دَعْنِي حَتَّى أَمُوتَ وَأُبْعَثَ، فَسَأُوتَى مَالاً وَوَلَدًا فَأَقْضِيَكَ. فَنَزَلَتْ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا}. [الحديث ٢٠٩١ - أطرافه في: ٢٢٧٥، ٢٤٢٥، ٤٧٣٢، ٤٧٣٣، ٤٧٣٤، ٤٧٣٥].

وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (محمد بن بشار) بموحدة فمعجمة مشدّدة الملقب ببندار البصري قال: (حدّثنا ابن أبي عدّيّ) بفتح العين وكسر الدال المهملتين آخره تحتية مشدّدة هو محمد بن أبي عدي واسمه إبراهيم (عن شعبة) بن الحجاج (عن سليمان) بن مهران الأعمش (عن أبي الضحى) بضم الضاد المعجمة وفتح الحاء المهملة مسلم بن صبيح (عن مسروق) هو ابن عبد الرحمن الأجدع (عن خباب) بفتح المعجمة وتشديد الموحدة وبعد الألف موحدة أخرى ابن الأرتّ أنه (قال: كنت قينًا) حدّادًا (في الجاهلية وكان لي على العاصي بن وائل) بالهمزة السهمي هو والد عمرو بن العاصي الصحابي المشهور (دين فأتيته أتقاضاه) أي فأتيت العاصي أطلب منه ديني، وبيّن في رواية بسورة مريم من التفسير أنه أجرة سيف عمله له (قال: لا أعطيك) حقك (حتى تكفر بمحمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قال خباب (فقلت) له (لا أكفر) بمحمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (حتى يميتك الله ثم تبعث) زاد في رواية الترمذي قال: وإني لميت ثم مبعوث؟! فقلت: نعم. واستشكل كون خباب علق الكفر ومن علق الكفر كفر.

وأجيب: بأن الكفر لا يتصور حينئذ يعد البعث لمعاينة الآيات الباهرة الملجئة إلى الإيمان إذ ذاك فكأنه قال: لا أكفر أبدًا أو أنه خاطب العاصي بما يعتقد من كونه لا يقرّ بالبعث فكأنه علق على محال.

(قال) العاصي (دعني حتى أموت وأبعث) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول منصوب عطفًا على أموت (فسأوتى) بضم الهمزة وفتح المثناة الفوقية (مالاً وولدًا فأقضيك) بالنصب عند أبي ذر على الجواب، ولغيره: فأقضيك بالسكون (فنزلت) هذه الآية ({أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأُوتين مالاً وولدًا) استعمل أرأيت بمعنى الإخبار والفاء على أصلها ({أطلع الغيب}) أقد بلغ من شأنه إلى أن ارتقى إلى علم الغيب الذي توحد به الواحد القهار حتى ادّعى أن يؤتى في الآخرة مالاّ وولدًا ({أم اتخذ عند الرحمن عهدًا}) [الآيتان: ٧٧ و٧٨] أم اتخذ من عالم الغيوب عهدًا بذلك فإنه لا يتوصل إلى

العلم به إلا بأحد هذين الطريقين، وقيل: العهد كلمة الشهادة والعمل الصالح فإن وعد الله بالثواب عليهما كالعهد عليه، وسقط لأبي ذر من قوله: {أطلع الغيب} إلى آخر الآية.

هذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في المظالم والتفسير والإجارة، وأخرجه مسلم في ذكر المنافقين، والترمذي في التفسير وكذا النسائي.

٣٠ - باب ذِكْرِ الْخَيَّاطِ

(باب ذكر الخياط) بفتح الخاء المعجمة وتشديد المثناة التحتية وسقط لفظ ذكر لأبي ذر.

٢٠٩٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- يَقُولُ: "إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خُبْزًا وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَىِ الْقَصْعَةِ. قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ". [الحديث ٢٠٩٢ - أطرافه في: ٥٣٧٩، ٥٤٢٠، ٥٤٣٣، ٥٤٣٥، ٥٤٣٦، ٥٤٣٧، ٥٤٣٩].

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام الأعظم (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) زيد الأنصاري وسقط لفظ ابن أبي طلحة لأبي ذر (أنه سمع) عمه (أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: إن خياطًا) لم يسم (دعا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لطعام صنعه قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: فذهبت مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-إلى ذلك الطعام فقرب) الخياط (إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خبزًا) قال الإسماعيلي: كان من شعير (ومرقًا فيه دباء) بضم الدال وتشديد الموحدة ممدودًا منوّنًا الواحد دباءة فهمزته منقلبة عن حرف علة، وخطّأ صاحب القاموس الجوهري حيث ذكره في المقصور أي فيه قرع (وقديد، فرأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتتبع الدباء من حوالي القصعة) بفتح القاف (قال) أنس: (فلم أزل أحب الدباء من يومئئذٍ).

قال الخطابي فيه جواز الإجارة على الخياطة ردًّا على من أبطلها بعلة أنها ليس بأعيان مرئية ولا صفات معلومة، وفي صنعة الخياطة معنى ليس في سائر ما ذكره البخاري من ذكر القين والصائغ والنجار، لأن هؤلاء الصنّاع إنما تكون منهم الصنعة المحصنة فما يستضعفه صاحب الحديد والخشب والفضة والذهب وهي أمور من صنعة يوقف على حدّها ولا يخلط بها غيرها، والخياط إنما يخيط

<<  <  ج: ص:  >  >>