للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما يكره لبسه للرجال والتجارة وإن كانت أخص من البيع لكنها جزؤه المستلزم له وأما ما يكره لبسه للنساء فبالقياس عليه.

وهذا الحديث قد سبق بأطول من هذا من وجه آخر في كتاب الجمعة ويأتي في اللباس إن شاء الله تعالى، وأخرجه مسلم أيضًا.

٢١٠٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْهُ فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟ قُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ. وَقَالَ: إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ". [الحديث ٢١٠٥ - أطرافه في: ٣٢٢٤، ٥١٨١، ٥٩٥٧، ٥٩٦١، ٧٥٥٧].

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن نافع) مولى ابن عمر (عن القاسم بن محمد) أي ابن أبي بكر الصديق (عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها أخبرته أنها اشترت نمرقة) بضم النون والراء وبكسرهما بينهما ميم ساكنة وبالقاف المفتوحة، وحكي تثليث النون وسادة صغيرة (فيها تصاوير) حيوان، (فلما رآها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قام على الباب فلم يدخله) وللكشميهني: فلم يدخل بحذف الضمير (فعرفت في وجهه) عليه الصلاة والسلام (الكراهة فقلت: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ماذا أذنبت؟) فيه جواز التوبة من الذنوب كلها إجمالاً وإن لم يستحضر التائب خصوص الذنب الذي حصلت به مؤاخذته (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(ما بال هذه النمرقة؟ قلت: اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها) بالنصب عطفًا على سابقه وحذف التاء للتخفيف وأصله وتتوسدها (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إن أصحاب هذه الصور) المصوّرين ما له روح وفي نسخة بالفرع وأصله: الصورة بالإفراد (يوم القيامة يعذبون فيقال لهم) على سبيل التهكم والتعجيز (أحيوا) بفتح الهمزة (ما خلقتم) صوّرتم كصورة الحيوان (وقال) عليه الصلاة والسلام (إن البيت الذي فيه) زاد المستملي هذه (الصور لا تدخله الملائكة) عام مخصوص، فالمراد غير الحفظة أما الحفظة فلا يفارقون الإنسان إلا عند الجماع والخلاء كما عند ابن عديّ وضعفه والمراد بالصورة صورة الحيوان فلا بأس بصورة الأشجار والجبال ونحو ذلك مما لا روح له، ويدل قول ابن عباس المروي في مسلم لرجل: إن كنت ولا بدّ فاعلاً فاصنع الشجر وما لا نفس له. وأما الصورة التي تمتهن في البساط والوسادة وغيرهما فلا يمتنع دخول الملائكة بسببها، لكن قال الخطابي: إنه عامّ في كل صورة انتهى.

وإذا حصل الوعيد لصانعها فهو حاصل لمستعملها لأنها لا تصنع إلا لتستعمل فالصانع سبب والمستعمل مباشر فيكون أولى بالوعيد ويستفاد منه أنه لا فرق في تحريم التصوير بين أن تكون صورة لها ظل أو لا. ولا بين أن تكون مدهونة أو منقوشة أو منقورة أو منسوجة خلافًا لمن استثنى النسج وادّعى أنه ليس بتصوير.

ووجه المطابقة بين الحديث والترجمة من جهة أن الثوب الذي فيه الصورة يشترك في المنع منه الرجال والنساء. فحديث ابن عمر يدل على بعض الترجمة، وحديث عائشة على جميعها.

وقال الكرماني الاشتراء أعمّ من التجارة فكيف يدل على الخاص الذي هو التجارة التي عقد عليها الباب؟ وأجاب: بأن حرمة الجزء مستلزمة لحرمة الكل فهو من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء.

وقال ابن المنير: الظاهر أن البخاري أراد الاستشهاد على صحة التجارة في النمارق المصوّرة وإن كان استعمالها مكروهًا لأنه عليه الصلاة والسلام إنما أنكر على عائشة استعمالها ولم يأمرها بفسخ البيع.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في النكاح واللباس وبدء الخلق، ومسلم في اللباس.

٤١ - باب صَاحِبُ السِّلْعَةِ أَحَقُّ بِالسَّوْمِ

(باب) بالتنوين (صاحب السلعة أحق بالسوم) بفتح السين وسكون الواو وبذكر قدر معين للثمن.

٢١٠٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ. وَفِيهِ خِرَبٌ وَنَخْلٌ".

وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري بكسر الميم وفتح القاف بينهما نون ساكنة قال: (حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد (عن أبي التياح) بفتح المثناة الفوقية وتشديد التحتية وبعد الألف حاء مهملة يزيد بن حميد (عن أنس -رضي الله عنه-) أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): لما أراد بناء مسجده.

(يا بني النجار) وهم قبيلة من الأنصار (ثامنوني بحائطكم) بالمثلثة أمر لهم بذكر الثمن معينًا باختيارهم على سبيل السوم ليذكر لهم عليه الصلاة والسلام ثمنًا معينًا يختاره، ثم يقع التراضي بعد ذلك. وبهذا تحصل المطابقة بين الحديث والترجمة.

وقال المازري: إنما فيه دليل على أن المشتري يبدأ بذكر الثمن

<<  <  ج: ص:  >  >>